للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كنكور]

بليدة بين همذان وقرميسين في فضاء واسع، طيّبة الهواء عذبة الماء صحيحة التربة كثيرة الخيرات والثمرات. ولذلك اتّخذها كسرى ابرويز مسكنا، وأمر أن يبنى له قصر لا يكون لأحد من الملوك مثله. فاتّخذ للقصر أساسا مائة ذراع في مائة ذراع في ارتفاع عشرين ذراعا، يراه الناظر كأنّه حجر واحد، لا يظهر فيه أثر الدرز، وبنى فيه ايوانات وجواسق وخزائن على أسطوانات حجريّة تحيّر الناظر في صنعته وحسن نقوشه.

قال صاحب عجائب الأخبار: إذا أردت أن ترى عجبا من العجائب فانظر إلى أسطوانات هذا القصر إلى رؤوسها وأسافلها، وتعجّب من تسخير الحجر الصلد لهؤلاء الصنّاع.

وحكي انّه لمّا حضر عند كسرى فغفور ملك الصين وخاقان ملك الترك وداهر ملك الهند وقيصر ملك الروم أحضرهم في هذا القصر ليبصروا عجائبه وقوّة ملك بانيه، وصنعة صنّاعه وعجزهم عن بناء مثله.

وذكر أن المسلمين لمّا وصلوا إليها في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، سرقت دوابّهم في ذلك المكان فسمّوه قصر اللصوص. وحكي انّه لمّا قتل كسرى ابرويز بقي من هذا القصر بقيّة؛ قال الحاكي: نظرت إلى بعض أساطينها تحت أكثرها وهندم، وبقي أقلّها على حاله، فسألت عنها فذكروا انّه لمّا قتل ابرويز انصرف الصنّاع عنها وتركوها ثمّ طلبوهم لإتمامها، فما كانت تعمل آلتهم فيها، ولا اهتدت فكرتهم إليها، فعلموا أن تيسير ذلك كان بهمّة كسرى ابرويز.

<<  <   >  >>