من قرى سامرّا أشبه أرض اللّه بالجنان من لطافة الهواء وعذوبة الماء وطيب التربة وكثرة الرياحين. وهي من متنزهات بغداد يأتيها أهل الخلاعة. وصفها بعض الشعراء فقال:
تحيا النّفوس بطيبها فكأنّها … وصل الحبيب يناله المهجور
[الموصل]
المدينة العظيمة المشهورة التي هي إحدى قواعد بلاد الإسلام، رفيعة البناء ووسيعة الرقعة محطّ رحال الركبان. استحدثها راوند بن بيوراسف الازدهاق على طرف دجلة بالجانب الغربي. والآن لها سور وفصيل وخندق عميق وقهندز، وحواليها بساتين. وهواؤها طيّب في الربيع، أمّا في الصيف فأشبه شيء بالجحيم! فإن المدينة حجريّة جصّية تؤثر فيها حرارة الصيف، تبقى كالشاخورة، وخريفها كثير الحمّى تكون سنة سليمة والأخرى موبئة، يموت فيها ما شاء اللّه. وشتاؤها كالزمهرير.
بها أبنية حسنة وقصور طيّبة على طرف دجلة. وفي نفس المدينة مشهد جرجيس النبيّ، ﵇. وفي الجانب الشرقي منها تلّ التوبة، وهو التلّ الذي اجتمع عليه قوم يونس لمّا عاينوا العذاب، وتابوا وآمنوا فكشف اللّه تعالى عنهم العذاب. وعلى التلّ مشهد مقصود يقصده الناس كلّ ليلة جمعة وينذر له النذور.
وبها بساتين نزهة. وفيها جواسق في غاية الحسن والطيب. وأهل الموصل