بعض أصحابه فقال الشيخ: أليست الطريق مشتركة بيننا؟ وحكي انّه لمّا بنى نظام الملك المدرسة النظامية ببغداد طلب الشيخ للتدريس، فسمع الشيخ من صبي قال: ان أرضها مغصوب! فامتنع عن التدريس حتى بيّنوا له أن الأمر ليس كذلك فقبلها. وحكي انّه كتب جواب مسألة فعرض على ابن الصبّاغ صاحب الشامل فقال للمستفتي: ارجع إلى الشيخ وقل له انظر فيها مرّة أخرى. فلمّا رآه الشيخ كتب: الحقّ ما قاله الشيخ وأبو إسحاق مخطئ. فارق الدنيا ولم يترك دينارا ولا درهما سنة ستّ وسبعين وأربعمائة عن ستّ وثمانين سنة.
الفيّوم
ناحية في غربي مصر في منخفض من الأرض والنيل مشرف عليها. ذكر ان يوسف الصدّيق، ﵇، لمّا ولي مصر ورأى ما لقي أهلها من القحط، وكان الفيّوم يومئذ بطيحة تجتمع فيها فضول ماء الصعيد، أوحى اللّه تعالى إليه أن احفر ثلاثة خلج: خليجا من أعلى الصعيد، وخليجا شرقيّا، وخليجا غربيّا، كلّ واحد من موضع كذا إلى موضع كذا. فأمر يوسف العمّال بها فخرج ماؤها من الخليج الشرقي وانصبّ في النيل، وخرج من الخليج الغربي وانصبّ في الصحراء ولم يبق في الجوبة ماء، ثمّ أمر الفعلة بقطع ما كان بها من القصب والطرفاء فصارت الجوبة أرضا نفية، ثمّ ارتفع ماء النيل فدخل خليجها فسقاها من خليج أعلى الصعيد، فصارت لجة من النيل، كلّ ذلك في سبعين يوما. فخرج وأصحابه فرأوا ذلك وقالوا: هذا عمل ألف يوم، فسمّي الموضع الفيوم. ثمّ صارت تزرع كما تزرع أرض مصر.
بنى بالفيوم ثلاثمائة وستّين قرية، وقدّر أن كلّ قرية تكفي أهل مصر يوما واحدا، على أن النيل إن لم يزد اكتفى أهلها بما يحصل من زراعتها وجرى الأمر على هذا. وزرعوا بها النخيل والأشجار فصار أكثرها حدائق، فتعجب الناس ممّا فعل يوسف الصدّيق، ﵇، فقال للملك: عندي من الحكمة