قال الإصطخري: غرج الشار مدينتان، يقال لإحداهما نشين وللأخرى سورمين، وهما متقاربتان ولهما مياه كثيرة وبساتين. يحمل منهما الزيت والأرز إلى سائر البلاد.
وحكى بعض التجّار قال: مشيت إلى غرشستان فاتّفق لهم غرس، فوضعوا دستا عاليا وجاء الزوج وجلس فيه، وأسبلوا على وجهه سجفا سخيفا شبه وقاية، وجاء المغني يغني بالدفوف وغيرها، وتأتي نساء أقاربهم وجيرانهم يرقصن بين يدي الزوج فرادى ومثنى وجماعة، والزوج يراهن ويتفرّج على رقصهن حتى لا تبقى واحدة إلّا رقصت، ثمّ تأتي العروس في الآخر وترقص بين يديه أحسن رقص، ثمّ خلوا بينها وبينه.
غريّان
بناءان كالصومعتين بظهر الكوفة قرب مشهد أمير المؤمنين عليّ. بناهما المنذر بن امرئ القيس بن ماء السماء، وسببه انّه كان له نديمان من بني أسد، فثملا فراجعا الملك ببعض كلامه، فأمر وهو سكران أن يحفر لهما حفرتان ويدفنا فيهما حيّين. فلمّا أصبح استدعاهما فأخبر بما أمضى فيهما فغمّه ذلك، وقصد حفرتيهما وأمر ببناء طربالين عليهما وقال: لا يمرّ وفود العرب إلّا بينهما! وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح يوم بؤسه من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، فإن وقعت لهما الوحش طلبها بالخيل، وإن وقع طائر أرسل عليه الجوارح. وفي يوم نعيمه يجيز من يلقاه ويخلع عليه. ولبث بذلك برهة من دهره، فخرج يوما من أيّام بؤسه إذ طلع عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر، جاء ممتدحا، فلمّا رآه قال: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد؟ فقال بعض الحاضرين: أبيت اللعن! عنده من حسن القريض ما هو خير ممّا تريد منه! فاسمع فإن كان حسنا استزده وإن كان غير ذلك فالأمر بيدك. فأنزله حتى طعم وشرب وقال له: