ومن الدّليل على القضاء وكونه … بؤس اللّبيب وطيب عيش الأحمق
قال المزني: دخلت على الشافعي في مرض موته فقلت له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت في الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا ولكأس المنيّة شاربا، ولسوء أعمالي ملاقيا وعلى اللّه واردا، فلا أدري أصير إلى الجنّة فأهنّيها أم إلى النار فأعزّيها؟ ثمّ بكى وأنشأ يقول:
تعاظمني ذنبي، فلمّا قرنته … بعفوك ربّي، كان عفوك أعظما
وما زلت ذا عفو عن الذّنب لم تزل … بجودك تعفو منّة وتكرّما
ذهب إلى جوار الحقّ سنة أربع ومائتين عن أربع وخمسين سنة.
[الغوطة]
الكورة التي قصبتها دمشق. وهي كثيرة المياه نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار مونقة الأزهار، ملتفّة الأغصان خضرة الجنان، استدارتها ثمانية عشر ميلا، كلّها بساتين وقصور. تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها. ومياهها خارجة من تلك الجبال، وتمتدّ في الغوطة عدّة أنهر، وينصبّ فاضلها في أجمة هناك. والغوطة كلّها أنهار وأشجار متّصلة قلّما يوجد بها مزارع.
وهي أنزه بلاد اللّه وأحسنها؛ قال أبو بكر الخوارزمي: جنان الدنيا أربع: