يقبل كالسحاب الأسود، وعيناه تقدان كالبرق الخاطف، والنار تخرج من فيه فيبلع الثورين ويرجع إلى مكانه، وإن لم يفعلوا ذلك قصد بلادهم وأتلف من الناس والمواشي والمال ما شاء اللّه، فشكا أهل هذه الجزيرة إلى الإسكندر، فأمر بإحضار ثورين وسلخهما وحشا جلدهما زفتا وكبريتا وكلسا وزرنيخا وكلاليب حديد، وجعلهما مكان الثورين على العادة، فجاء الشجاع وابتلعهما واضطرم الكلس في جوفه، وتعلّقت الكلاليب بأحشائه، فرأوه ميتا فاتحا فاه، ففرح الناس بموته.
[جزيرة القصر]
في بحر الهند، ذكروا أن فيها قصرا أبيض يتراءى للمراكب، فإذا رأوا ذلك تباشروا بالسلامة والربح. قيل: إنّه قصر شاهق لا يدرى ما في داخله، وقيل: فيها أموات وعظام كثيرة، وقيل: إن بعض ملوك العجم سار إليها فدخل القصر بأتباعه، فوقع عليهم النوم وخدرت أجسامهم، فبادر بعضهم إلى المراكب وهلك الباقون.
وحكي أن ذا القرنين رأى في بعض الجزائر أمّة رؤوسهم رؤوس الكلاب، وأنيابهم خارجة من فيهم. خرجوا إلى مراكب ذي القرنين وحاربوها، فرأى نورا ساطعا فإذا هو قصر مبنيّ من البلور الصافي، وهؤلاء يخرجون منه، فأراد النزول عليه فمنعه بهرام الفيلسوف الهندي، وعرّفه ان من دخل هذا القصر يقع عليه النوم والغشي، ولا يستطيع الخروج فيظفر به هؤلاء، والبحر لا تحصى عجائبه.
[الحجاز]
حاجز بين اليمن والشام وهو مسيرة شهر، قاعدتها مكّة، حرسها اللّه تعالى، لا يستوطنها مشرك ولا ذميّ، كانت تقام للعرب بها أسواق في الجاهليّة