تأمّله العلج وقال له: أتصدقني فيما أسألك؟ قال: نعم. قال: باللّه أنت ابن الجزري؟ قال: نعم. فقال: ملأ كفؤ! ثمّ أخذا في شأنهما حتى طال الأمر بينهما، وكاد الفرسان ينفقان تحتهما، وزجّا برمحيهما وانتضيا بسيفيهما، وقد اشتدّ الحرّ، فلمّا أيس كلّ واحد منهما عن الظفر بصاحبه ولّى ابن الجزري، فدخل المسلمين كآبة وغطغط الكفّار، فاتبعه العلج فتمكّن ابن الجزري منه، فرماه بوهق واستلبه عن ظهر فرسه ثمّ عطف عليه، فما وصل إلى الأرض حتى فارقه رأسه، فكبّر المسلمون تكبيرا وانخذل المشركون وبادروا إلى الحصن، وأغلقوا الأبواب، فصبّت الأموال على ابن الجزري فلم يقبل منها شيئا، وسأل أن يعفى ويترك بمكانه. وأقام الرشيد عليها حتى استخلصها وسبى أهلها وخربها، وبعث فيسقوس الجزية عن رأسه أربعة دنانير، وعن كلّ واحد من البطارقة دينارين.
هزار أسب
مدينة كبيرة وقلعة حصينة بأرض خوارزم. الماء محيط بها وهي كالجزيرة ليس إليها إلّا طريق واحد.
تنسب إليها رحمة بنت إبراهيم الهزار اسبية المشهورة بأنّها ما تناولت ثلاثين سنة طعاما. وحكى أبو العباس عيسى المروزي أنّها إذا شمّت رائحة الطعام تأذّت، وذكرت أن بطنها لا صق بظهرها، فأخذت كيسا فيه حبّ القطن، وشدّته على بطنها لئلّا يقصف ظهرها. وبقيت إلى سنة ثمان وستين ومائتين.
[وادي الحجارة]
ناحية بقرب طليطلة؛ قال العذري: لا يدخلها أحد من غير أهلها بصبي ابنا له ويعيش فيها، هذا قول العذري. وجاز أن يكون مراده أن الصبي لا يعيش وجاز أن يكون مراده أن الأب لا يعيش، واللّه أعلم بصحة ذلك.