المعاملة عليها اشتروا بها المتاع، فما فضل أخذوا به قطعة صغيرة.
ينسب إليها أبو زكرياء التبريزي. كان أديبا فاضلا كثير التصانيف.
فلمّا بنى نظام الملك المدرسة النظاميّة ببغداد، جعلوا أبا زكرياء خازن خزانة الكتب. فلمّا وصل نظام الملك إلى بغداد دخل المدرسة ليتفرّج عليها، وفي خدمته أعيان جميع البلاد ووجوهها، فقعد في المدرسة في محفل عظيم والشعراء يقومون ينشدون مدائحه والدعاة يدعون له. فقام رجل ودعا لنظام الملك وقال: هذا خير عظيم قد تمّ على يدك! ما سبقك بها أحد، وكلّ ما فيها حسن إلّا شيئا واحدا، وهو أن أبا زكرياء التبريزي خازن خزانة الكتب، وانّه رجل به ابنة يدعو الصبيان إلى نفسه! فانكسر أبو زكرياء انكسارا شديدا في ذلك المحفل العظيم. فلمّا قام نظام الملك قال لناظر المدرسة: كم معيشة أبي زكرياء؟ قال:
عشرة دنانير! قال: اجعلها خمسة عشر ان كان كما يقول لا تكفيه عشرة دنانير! فانكسر أبو زكرياء من فضيحة ذلك المتعدّي وكفاه ذلك كفارة لجميع ذنوبه، ومن ذلك اليوم ما حضر شيئا من المحافل والمجامع حياء وخجالة.
[تهران]
قرية كبيرة من قرى الري كثيرة البساتين كثيرة الأشجار مؤنقة الثمار.
ولهم تحت الأرض بيوت كنافقاء اليربوع، إذا جاءهم قاصد عدوّ اختبأوا فيها، فالعدو يحاصرهم يوما أو أيّاما ويمشي. فإذا خرجوا من تحت الأرض أكثروا الفساد من القتل والنهب وقطع الطريق. وفي أكثر الأوقات أهلها عصاة على السلاطين، ولا حيلة إلى ضبطهم إلّا بالمداراة.
وفيها اثنتا عشرة محلّة كلّ محلّة تحارب الأخرى، وإذا دخلوا في طاعة السلطان يجتمع عاملها بمشايخ القرية يطالبهم بالخراج، وتوافقوا على أداء الخراج المعهود للسلطان. يأتي أحدهم بديك ويقول: هذا بدينار! والآخر يأتي باجّانة ويقول: هذا بدينار! ويؤدّون الخراج على هذا الوجه وإلّا فلا فائدة منهم