فقالوا له: ههنا فقيه عجميّ جمع بينهما وتفرّج عليهما. فلمّا حضر ابن الجوزي طلبوا شمس الدين، فأراد تمشية مقدمة معه فما قدر، ثمّ ان شمس الدين أخذ مقدماته وقلبها عليه ثمّ عارضه في المقدمات وفي الحكم حتى جعله مبهوتا. فقال ابن الجوزي: هذا الفقيه في أيّ شيء شغل؟ قالوا: ما هو في شيء من الأشغال.
فقال: مثل هذا يترك عاطلا؟ فولّاه قضاء دمشق وتدريس العادلية. توفي قريبا من أربعين وستمائة شابّا، رحمة اللّه عليه.
[خيوق]
قرية من قرى خوارزم. ينسب إليها الشيخ الإمام قدوة المشايخ أبو الجناب، أحمد بن عمر بن محمّد الخيوقيّ المعروف بكبرى. كان أستاذ الوقت وشيخ الطائفة وفريد العصر. له رسالة الهائم الخائف من لومة اللائم، من حقّها أن تكتب بالذهب، ما صنّف مثلها في الطريقة. ومن عجائبها ما ذكر أن للشيطان لطائف عجيبة في اضلال الناس، فيضلّ كلّ واحد حسبما يليق بحاله: أمّا الجهال فيضلّهم بجهلهم، وأمّا العلماء فيقول اشتغل بتحصيل العلوم، أما عرفت قول النبيّ،ﷺ: لفقيه واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد؟ فاصرف عمرك في تحصيل العلوم، فإذا كان آخر عمرك اشتغل بالعمل؛ فيأتيه الموت يعبه فجأة، فيكون له علم بلا عمل.
وحكى، ﵀، أنّه كان يجاهد نفسه، فجاء الشيطان ليوسوس عليه الحال فقال: إنّك رجل عالم تتبع آثار النبيّ، ﷺ، فاشتغل بسمع أحاديث النبيّ وآثار المشايخ الكبار الحفّاظ، فإنّك إن اشتغلت بمجاهدة النفس فإن عليك إدراك المشايخ الكبار والأستاذ العالي، وأمّا المجاهدة فلا تفوتك فيما بعد! فكدت أعمل بوسوسته فهتف بي هاتف:
ومن يسمع الأخبار من غير واسط … حرام عليه سمعها بوسائط!