بلدة حصينة قديمة من بلاد أرّان من ثغور المسلمين لقربها من الكرج، وهي مدينة كثيرة الخيرات وافرة الغلّات. أهلها أهل السّنّة والجماعة أهل الصلاح والخير والديانة، ولا يتركون أحدا يسكن بلدهم إذا لم يكن على مذهبهم واعتقادهم حتى لا يشوش عليهم مذهبهم واعتقادهم. والعالب عليهم ممارسة السلاح واستعمال آلات الحرب لكونهم في الثغر بقرب أرض الكفّار.
بها نهر قردقاس مجيئه من حاجين ولاية الكرج، يجري ستّة أشهر وينقطع ستّة أشهر، ومجيئه وقت معلوم وانقطاعه كذلك. ولأهلها يد باسطة في تربية دود القزّ وعمل الإبريسم، وإبريسم جنزة يفوق ما لغيرها من البلاد حسنا.
وفي نفس المدينة قناة ينزل إليها من طريقين: أحدهما موضع يعرف بباب المقبرة، والآخر بباب البردعة. يؤخذ الماء من باب المقبرة ويجذب به الإبريسم، تزيد قيمته على الإبريسم الذي يجذب بماء باب البردعة، وإن حملوا ماء باب المقبرة إلى باب البردعة لا يفيد شيئا، وإن حملوا ماء باب البردعة إلى باب المقبرة يفيد ويخرج ابريسمه جيّدا.
وبها قلعة هرك على مرحلة منها. حولها رياض ومياه وأشجار. هواؤها في الصيف طيّب، يقصدها أهل جنزة في الصيف. لكلّ أهل بيت فيها موضع يقيم فيه حتى تنكسر سورة الحرّ، ولأعيان جنزة بها دور حسنة.
وإنّها على نهر يقال له دروران، والنهر ينزل من جبل يسمّى مرا، ولا يزال عليه الضباب وهو شامخ جدّا. وذكروا أن كلّ من علا القلعة يرى الجبل، ومن علا الجبل لا يرى القلعة، وعلى هذا الجبل شجرة لها ثمرة يقال لها الموز، ليس في جميع الدنيا إلّا بها، وهي شبيهة بالتوت الشامي، إلّا أنّها مدوّرة تنفع من أمراض الكبد. وعلى طرف دروران صخرة عظيمة مدوّرة شبه قلعة تسمّى سنك نيم دانك، تصيبها نداؤة مثل الصدإ تخضب بها الأطراف تفعل فعل الحنّاء،