مدينة بآذربيجان بين المراغة وزنجان، قال مسعر بن مهلهل: بها معدن الذهب والفضّة والزئبق والزرنيخ الأصفر والاسرب. ولها سور محيط بها. وفي وسطها بحيرة لا يدرك قعرها. وإني أرسيت فيه أربعة عشر ألف ذراع وكسورا من ألف ما استقرّ، واستدارتها نحو جريب بالهاشمي. ومتى بلّ بمائها تراب صار لوقته حجرا صلدا.
بها بيت نار عظيم الشأن عند المجوس، منها تذكى نيران المجوس من المشرق إلى المغرب، وعلى رأس قبّته هلال فضّة قيل هو طلسم حاول كثير من المتغلّبين قلعه فلم يقدروا. ومن عجائب هذا البيت انّهم يوقدون منه منذ سبعمائة سنة، فلا يوجد فيه رماد البتّة ولا ينقطع الوقود عنه ساعة من الزمان.
ومن عجائب هذه المدينة انّه إذا قصدها عدوّ ونصب المنجنيق عليها فإن حجر المنجنيق يقع خارج السور ولا يصل إليه، وإن كان يرمى إليه من مسافة ذراع.
إلى ههنا كلام مسعر، وكان رجلا سياحا طاف البلاد ورأى عجائبها، وأكثر عجائب البلدان منقول منه.
وحكى غير مسعر أن بالشيز نار اذرخس، وهي نار عظيمة عند المجوس كان إذا الملك منهم زارها أتاها راجلا.
وينسب إليها زرادشت نبيّ المجوس، قيل: انّه كان من شيز، ذهب إلى جبل سبلان معتزلا عن الناس وأتى بكتاب اسمه باستا، وهو بالعجميّة لم يفهم معناه إلّا من المفسر. وأتى يدّعي النبوة في عهد كشتاسف بن لهراسف ابن كيخسرو، ملك الفرس، وأراد الوصول إليه فلم يتمكّن من ذلك، وكان كشتاسف جالسا في إيوان فانشقّ سقف الإيوان ونزل زرادشت منه، والناس الذين كانوا عند الملك ما بين هارب ومغشي عليه، والملك ما تحرّك عن مكانه وقال له: من أنت؟ فقال زرادشت: إني رسول اللّه إليكم! فقال الملك: