من النقباء يوشع بن نون ابن عمّ موسى وكالب بن يوفنّا زوج أخت موسى، قالا: يا قوم ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنّكم غالبون! وجدّ موسى وهارون جدّا عظيما، فقالوا: إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فينا فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ههنا قاعدون. فحبسهم اللّه تعالى في التيه أربعين سنة فماتوا كلّهم سوى يوشع وكالب، وأوحى اللّه تعالى إلى يوشع فدخل الشام بأولاد الممتنعين وفتحها، فأمرهم اللّه تعالى أن يدخلوا مدينة أريحا سجّدا للّه تعالى شكّرا قائلين: حطّة! أي سؤالنا حطّ ذنوبنا. وكانوا يدخلونها على استاههم قائلين حنطة، فسخط اللّه عليهم ورماهم بالطاغين، فهلك منهم آلاف مؤلفة وذلك قوله تعالى: فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.
الإسكندريّة
وهي المدينة المشهورة بمصر، على ساحل البحر. اختلف أهل السير في بانيها:
فمنهم من ذهب إلى أن بانيها الإسكندر الأوّل، وهو ذو القرنين أشك بن سلوكوس الرومي، الذي جال الأرض وبلغ الظلمات ومغرب الشمس ومطلعها، وسدّ على يأجوج ومأجوج كما أخبر اللّه تعالى عنه، وكان إذا بلغ موضعا لا ينفذ اتّخذ هناك تمثالا من النحاس مادّا يمناه مكتوبا عليها: ليس ورائي مذهب.
ومنهم من قال بناها الإسكندر بن دارا ابن بنت الفيلسوف الرومي، شبّهوه بالإسكندر الأوّل لأنّه ذهب إلى الصين والمغرب ومات وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، والأوّل كان مؤمنا والثاني كان على مذهب أستاذه أرسطاطاليس، وبين الأوّل والثاني دهر طويل.
قيل: إن الإسكندر لمّا همّ ببناء الإسكندريّة، وكانت قديما مدينة من بناء شدّاد بن عاد كان بها آثار العمارة والأسطوانات الحجريّة، ذبح ذبائح كثيرة للقرابين، ودخل هيكلا كان لليونانيّين وسأل ربّه أن يبيّن له أمر