للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه المدينة هل يتمّ أم لا؟ فرأى في منامه قائلا يقول له: إنّك تبني هذه المدينة ويذهب صيتها في الآفاق، ويسكنها من الناس ما لا يحصى عددهم، وتختلط الرياح الطيّبة بهوائها ويصرف عنها السموم، ويطوى عنها شدّة الحرّ والزمهرير ويكعم عنها الشرور حتى لا يصيبها من الشياطين خبل، وان جبلت الملوك إليها جنودهم لا يدخلها ضرر.

فأتى الإسكندر موضعها وشاهد طيب هوائها وآثار العمارة القديمة وعمدا كثيرة من الرخام، فأمر بحثّ الصّنّاع من البلاد وجمع الآلة واختيار الوقت لبنائها، فاختاروا وقتا وعلّقوا جرسا حتى إذا حرّك الجرس الصنّاع، يضعون البناء من جميع أطرافها في وقت واحد، فإذا هم مترقّبون طار طير وقع على الجرس فحرّكه فوضعوا البناء.

قيل ذلك للاسكندر فقال: أردت طول بقائها وأراد اللّه سرعة خرابها، ولا يكون إلّا ما أراد اللّه فلا تنقضوها. فلمّا ثبت أساسها وجنّ الليل خرجت من البحر دابّة وخربت ما بنوا، فلم يزل يحكمها كلّ يوم ويوكل بها من يحفظها، فأصبحوا وقد خربت. فأمر الإسكندر باتّخاذ عمد عليها طلسم لدفع الجنّ، فاندفع عنها أذيّتهم.

قال المسعودي: الأعمدة التي للطلسم عليها صور وأشكال وكتابة باقية إلى زماننا، كلّ عمود طوله ثمانون ذراعا، عليها صور وأشكال وكتابة، فبناها الإسكندر طبقات تحتها قناطر بحيث يسير الفارس تحتها مع الرمح. وكان عليها سبعة أسوار، وهي الآن مدينة كثيرة الخيرات، قال المفسّرون: كانت هي المراد من قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّآ لقومكما بمصر بيوتا.

وكان بها يوم الزينة واحتجاج موسى والسحرة. وكان موسى قبل الإسكندر بأكثر من ألف سنة.

بها مجلس سليمان، ، قال الغرناطي: إنّه خارج الإسكندريّة، بنته الجنّ منحوتا من الصخر بأعمدة الرخام لا مثل لها، كلّ عمود على قاعدة

<<  <   >  >>