ومن عجائبها نهر سنجة؛ قال الأديبي: هو نهر عظيم يجري بين حصن المنصور وكيسوم من ديار مصر، لا يتهيّأ خوضه لأن قراره رمل سيال، إذا وطئه واطئ غاص به، وعلى هذا النهر قنطرة من عجائب الدنيا، وهي طاق واحد من الشطّ إلى الشطّ، وتشتمل على مائتي خطوة، وهي متّخذة من حجر مهندم طول الحجر عشرة أذرع في ارتفاع خمسة أذرع، وحكي ان عندهم طلسما على لوح إذا عاب من القنطرة موضع أدلى ذلك اللوح على موضع العيب، فينعزل عنه الماء حتى يصلح ثمّ يرفع اللّوح فيعود الماء إلى حاله.
ومن عجائبها جبل الطير. وهو بصعيد مصر في شرقي النيل قرب انصنا، وإنّما سمّي بذلك لأن صنفا من الطير الأبيض يقال له البوقير يأتي في كلّ عام في وقت معلوم، فتعكّف على هذا الجبل، وفيه كوّة يأتي كلّ واحد من هذه الطيور ويدخل رأسه في تلك الكوة، ثمّ يخرجه ويلقي نفسه في النيل فيعوم، ويذهب من حيث شاء إلى أن يدخل واحد رأسه فيقبض عليه شيء في تلك الكوّة، فيضطرب ويبقى معلّقا منها إلى أن يتلف، فيسقط بعد مدّة. فإذا كان ذلك انصرف الباقي لوقته فلا يرى شيء من هذا الطير في هذا الجبل إلى مثل ذلك الوقت من العام القابل. وذكر بعض أعيان مصر: ان السنة إذا كانت مخصبة قبضت الكوّة على طائرين، وإن كانت متوسطة على واحد، وإن كانت مجدبة لم تقبض شيئا.
المطريّة
قرية من قرى مصر، عندها منبت شجر البلسان، وبها بئر يسقى منها، قيل: إنّه من خاصيّة البئر لأن المسيح، ﵇، اغتسل فيها. حدّث من رآها أن شجر البلسان يشبه شجر الحنا أو شجر الرمان، أوّل ما ينشأ، وأرضها نحو مدّ البصر في مثله محوط عليه، ولها قوم يخرجون شجرتها من سوقها،