إنّا لضالّون، يعني ما هذا طريق بستاننا، فلمّا رأوا الجنّة محترقة قالوا: بل نحن محرومون. ويسمّى ذاك الوادي الضّروان، وهو واد ملعون، حجارته تشبه أنياب الكلاب، لا يقدر أحد أن يطأها، ولا ينبت شيئا ولا يستطيع طائر أن يطير فوقه، فإذا قاربه مال عنه؛ قالوا: كانت النار تتّقد فيها ثلاثمائة سنة.
الصّين
بلاد واسعة في المشرق ممتدّة من الإقليم الأوّل إلى الثالث، عرضها أكثر من طولها، قالوا: نحو ثلاثمائة مدينة في مسافة شهرين. وانّها كثيرة المياه كثيرة الأشجار كثيرة الخيرات وافرة الثمرات، من أحسن بلاد اللّه وأنزهها، وأهلها أحسن الناس صورة وأحذقهم بالصناعات الدقيقة، لكنّهم قصار القدود عظام الرؤوس، لباسهم الحرير، وحليهم عظام الفيل والكركدن، ودينهم عبادة الأوثان.
من عجائب الصين الهيكل المدوّر؛ قال المسعودي: هذا الهيكل بأقصى بلاد الصين وله سبعة أبواب، في داخله قبّة عظيمة البنيان عالية السمك، وفي أعلى القبّة شبه جوهرة كرأس عجل يضيء منها جميع أقطار الهيكل، وان جمعا من الملوك حاولوا أخذ تلك الجوهرة فما تمكّنوا من ذلك، فمن دنا منها قدر عشرة أذرع خرّ ميتا، وإن حاول أخذها بشيء من الآلات الطوال، فإذا انتهت إليها هذا المقدار انعكست. وكذلك إن رمى إليها شيئا، وإن تعرّض أحد لهمدم الهيكل مات، وفي هذا الهيكل بئر واسعة الرأس، من أكبّ عليها وقع في قعرها، وعلى رأس البئر شبه طوق مكتوب عليه: هذه البئر مخزن الكتب التي هي تاريخ الدنيا وعلوم السماء والأرض، وما كان فيها وما يكون، وفيها خزائن الأرض لكن لا يصل إليها إلّا من وازن علمه علمنا، فمن قدر عليه علمه كعلمنا، ومن عجز فليعلم أنّه دوننا في العلم.
والأرض التي عليها هذا الهيكل أرض حجريّة عالية كجبل شامخ لا يرام