صالح، ﵇، بعد وفاته تفرّقوا بفلسطين، فلحقت فرقة منهم بعدن، وكانوا إذا حبس عنهم المطر عطشوا وحملوا الماء من أرض بعيدة، فأعطاهم اللّه بئرا فتعجّبوا بها وبنوا عليها أركانا على عدد القبائل، كان لكلّ قبيلة فيها دلو.
وكان لهم ملك عادل يسوسهم، فلمّا مات حزنوا عليه فمثل لهم الشيطان صنما على صورة ذلك الملك، وكلّم القوم من جوف الصنم: إني ألبسني ربي ثوب الالهيّة والآن لا آكل ولا أشرب، وأخبركم بالغيوب فاعبدوني فإني أقربكم إلى ربكم زلفى! ثمّ كان الصنم يأمرهم وينهاهم فمال إلى عبادة الصنم جميعهم، فبعث اللّه إليهم نبيّا فكذّبوه، فقال لهم نبيّهم: إن لم تتركوا عبادة الصنم يغور ماء بئركم! فقتلوه فأصبحوا لم يجدوا في البئر قطرة ماء.
فمضوا إلى الصنم فلم يكلّمهم الشيطان لمّا عاين نزول ملائكة العذاب، فأتتهم صيحة فأهلكوا، فأخبر اللّه تعالى عنهم وعن أمثالهم: وكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد. والقصر المشيد بحضر موت وقد مرّ ذكره، ويقال: إن سليمان بن داود، ﵇، حبس المردة مصفّدين في هذه البئر وهي محبسهم.
[فاس]
مدينة كبيرة مشهورة في بلاد بربر على برّ المغرب بين ثنيتين عظيمتين، والعمارة قد تصاعدت حتى بلغت مستواها، وقد تفجّرت كلّها عيونا تسيل إلى قرارة إلى نهر منبسط إلى الأرض ينساب إلى مروج خضر، وعليها داخل المدينة ستمائة رحى، ولها قهندز في أرفع موضع منها، ويسقيها نهر يسمّى المفروش.
قال أبو عبيد البكري: فاس منقسمة قسمين، وهي مدينتان مسورتان، يقال لإحداهما عدوة القروبيين وللأخرى عدوة الأندلسيّين، وفي كلّ دار جدول ماء وعلى بابها رحى وبستان، وهي من أكثر بلاد المغرب ثمارا وخيرا