دود القزّ والرزق الحلال في زماننا عندهم. ونساؤهم ينسجن الميازر والمشدات الفرية الملاح وتحمل منها إلى سائر البلاد.
ومن عاداتهم أن فقهاءهم في كلّ سنة يستأذنون من الأمير الأمر بالمعروف، فإذا أذن لهم أحضروا كلّ واحد كائنا من كان وضربوه مائة خشبة، فربّما يحلف الرجل أيمانا انّه ما شرب ولا زنى فيقول الفقيه: أيش صنعتك؟ فيقول:
بقّال أنا! فيقول: أما كان بيدك الميزان؟ فيقول: نعم. فيأمر بضربه مائة!
ينسب إليها الشيخ محمّد بن خالد الملقّب بنور الدين. كان شيخا عظيم الشأن ظاهر الكرامات. رأيته في صغر سني كان شيخا مهيبا وضيء الوجه طويل القامة، كثّ اللحية طويلها، ما رآه أحد ولو كان ملكا إلّا أخذته هيبته.
له مصنّفات في عجائب أحواله ومشاهدته الملائكة والجنّة والنار، وأحوال الأموات وخواصّ الأذكار والآيات.
حكى بعض من صحبه قال: سرنا ذات يوم فرفع لنا خان فقصدناه، فقال بعض السابلة: لا تدخلوا الخان فإنّه يأوي إليه سبع! فقال الشيخ: نتّكل على اللّه. فدخلناها وفرش الشيخ مصلّاءة يصلّي، فسمعت زئير الأسد فأنكرت في نفسي على الشيخ لدخول الخان، فدخل الخان سبع هائل، فلمّا رآنا جعل يأتينا إتيانا لينا لا إتيان صائل، وأنا أنظر إلى شكله فذهب عقلي، فهربت إلى الشيخ وجعلته بيني وبين الأسد، فجاء وافترش عند مصلّى الشيخ، فلمّا فرغ الشيخ من صلاته مسح رأسه وقال بالعجميّة: فارق هذا الموضع ولا ترجع تفزّع الناس ههنا! فقام السبع وخرج من الخان ولم يره أحد بعد ذلك هناك.
[الحضر]
مدينة كانت بين تكريت وسنجار مبنية بالحجارة المهندمة، كان على سورها ستّون برجا كبارا، بين البرج والبرج تسعة أبراج صغار، بإزاء كلّ برج قصر وإلى جانبه حمّام. وبجانب المدينة نهر الثرثار وكان نهرا عظيما عليه جنان بناها