الضّيزن بن معاوية، وكان من قضاعة من قبل شابور بن اردشير ملك الفرس، وقد طلسمها أن لا يقدر على هدمها إلّا بدم الحمامة الورقاء، ودم حيض المرأة الزرقاء؛ وإيّاها أراد عدي بن زيد:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة تجبى إليه والخابور … شاده جندلا وجلّله كلسا، وللطّير في ذراه وكور
فاتّفق أنّه ظهر لشابور خصم بخراسان، فذهب إليه وطالت غيبته فعصى ضيزن عليه واستولى على بلاد الجزيرة، وأغار على بلاد الفرس وخرب السواد وأسر ماه أخت شابور الملك. فلمّا عاد شابور من خراسان وأخبر بما فعل ضيزن، ذهب إليه بعساكره وحاصره سنين ولم يظفر بشيء، فهمّ بالرجوع فصعدت النّصيرة بنت الضيزن السطح ورأت شابور فعشقته، فبعثت إليه أن ما لي عندك ان دللتك على فتح هذه المدينة؟ فقال شابور: آخذك لنفسي وأرفعك على نسائي. فقالت: خذ من دم حمامة ورقاء، واخلطه بدم حيض امرأة زرقاء، واكتب بهما واشدده في عنق ورشان وأرسله، فإنّه إذا وقع على السور تهدّم! ففعل كما قالت فدخل المدينة وقتل مائة ألف رجل وأسر البقيّة، وقتل ضيزن وأنسابه فقال الحدس بن الدلهاث:
ألم يجزيك والأبناء تمنى … بما لاقت سراة بني العبيد؟
ومقتل ضيزن وبني أبيه … وإجلاء القبائل من يزيد
أتاهم بالفيول مجلّلات … وبالأبطال شابور الجنود
فهدّم من بروج الحضر صخرا … كأنّ ثقاله زبر الحديد!
ثمّ سار شابور إلى عين التمر وعرّس بالنصيرة هناك، فلم تنم هي تلك الليلة تململا على فراشها، فقال لها شابور: ما أصابك؟ فقالت: لم أنم قطّ على فراش أخشن من هذا! فنظر فإذا في الفراش ورقة آس لصقت بين عكنتين