للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من عكنها، فقال لها شابور: بم كان أبواك يغذوانك؟ قالت: بشهد الأبكار ولباب البر ومخ الثنيان! فقال شابور: أنت ما وفيت لأبويك مع حسن صنيعهما بك، فكيف تفين لي؟ ثم أمر أن تصعد بناء عالياً وقال: ألم أرفعك فوق نسائي؟ قالت: بلى! فأمر بفرسين جموحين وشدت ذوائبها في ذنبيهما ثم استحضرا فقطعاها؛ قال عدي بن زيد:

والحضر صبّت عليه داهيةً ... شديدة أيدٍ مناكبها

ربيبةٌ لم ترقّ والدها ... بحبّها إذ ضاع راقبها

فكان حظّ العروس إذ جشر ... الصّبح دما يجري سبايبها

[حصن الطاق]

حصن حصين بطبرستان، كان في قديم الزمان خزانة ملوك الفرس، وأول من اتخذه منوجهر بن ايرج بن فريدون، وهو نقب في موضع عال في جبل صعب المسلك، والنقب يشبه باباً صغيراً، فإذا دخله الإنسان مشى نحو ميل في ظلمة شديدة ثم يخرج إلى موضع واسع شبيه بمدينة، قد أحاطت به الجبال من جميع الجوانب. وهي جبال لا يمكن صعودها لارتفاعها، وفي هذه السعة مغارات وكهوف، وفي وسطها عين غزيرة الماء ينبع من ثقبة ويغور في أخرى، وبينهما عشرة أذرع. وكان في أيام الفرس يحفظ هذا النقب رجلان معهما سلم يدلونه من الموضع، إذا أراد أحدهما النزول في دهر طويل، وعندهما ما يحتاجان إليه لسنين كثيرة.

ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن ملك العرب طبرستان، فحاولوا الصعود عليه فتعذر عليهم ذلك إلى أن ولي المازيار طبرستان، فقصد هذا الموضع وأقام عليه مدة حتى صعد رجل من أصحابه إليه، فدلى حبالاً وأصعد قوماً فيهم المازيار، فوقف على ما في تلك الكهوف من الأموال والسلاح والكنوز،

<<  <   >  >>