وترك عبد المطّلب الحلقة وتوجّه مع قومه في بعض الوجوه، فالحبش قاموا بفيلهم قاصدين مكّة، فبعث اللّه من جانب البحر طيرا أبابيل مثل الخطّاف، مع كلّ طائر ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره على شكل الحمّص. فلمّا غشين القوم أرسلنها عليهم فلم تصب أحدا إلّا هلك، فذلك قوله تعالى: وأرسل عليهم طيرا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجّيل، فجعلهم كعصف مأكول.
ومنها النجاشي الذي كان في عهد رسول اللّه، ﷺ، واسمه أصحمة، كان وليّا من أولياء اللّه يبعث إلى رسول اللّه الهدايا، والنبي، ﷺ، يقبلها. وفي يوم مات أخبر جبرائيل، ﵇، رسول اللّه بذلك مع بعد المسافة، وكان ذلك معجزة لرسول اللّه، ﷺ، في يوم موته، صلّى عليه الصلاة مع أصحابه وهو ببلاد الحبشة.
بلاد الزّنج
مسيرة شهرين، شمالها اليمن وجنوبها الفيافي، وشرقها النوبة وغربها الحبشة، وجميع السودان من ولد كوش بن كنعان بن حام، وبلاد الزنج شديدة الحرّ جدّا، وحلكة سوادهم لاحتراقهم بالشمس. وقيل: إن نوحا، ﵇، دعا على ابنه حام فاسودّ لونه، وبلادهم قليلة المياه قليلة الأشجار، سقوف بيوتهم من عظام الحوت.
زعم الحكماء أنّهم شرار الناس ولهذا يقال لهم سباع الإنس. قال جالينوس:
الزنج خصّصوا بأمور عشرة: سواد اللون وفلفلة الشعر وفطس الأنف وغلظ الشفة وتشقق اليد والكعب، ونتن الرائحة وكثرة الطرب وقلّة العقل وأكل