في قبلي بيت المقدس، واد طيّب كثير الزيتون. نزل به موسى، ﵇، وعلم بقرب أجله فعمد إلى الحجر الذي يتفجّر منه اثنتا عشرة عينا، سمّره في جبل هناك فخرجت منه اثنتا عشرة عينا، وتفرّقت إلى اثنتي عشرة قرية، كلّ قرية لسبط من الأسباط، ثمّ قبض موسى، ﵇، وبقي الحجر هناك. وذكر القاضي أبو الحسن عليّ بن يوسف انّه رأى الحجر هناك، وانّه في حجم رأس عنز، وانّه ليس في جميع ذلك الجبل حجر يشبهه.
وادي النّمل
بين جبرين وعسقلان. مرّ به سليمان، ﵇، يريد غزو الشام إذ نظر إلى كراديس النمل مثل السحاب، فأسمعته الريح كلام النملة تقول: يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده! فأخذت النمل تدخل مساكنها والنملة تناديهم: الوحي الوحي! قد وافتكم الخيل! فصاح بها سليمان وأراها الخاتم، فجاءت خاضعة، فسألها سليمان عن قولها فقالت: يا نبي اللّه لما رأيت موكبك أمرت النمل بدخول مساكنها لئلّا يحطمها جندك، فإني أدركت ملوكا قبلك كانوا إذا ركبوا الخيل أفسدوا! فقال،﵇: لست كأولئك، إني بعثت بالاصلاح! أخبريني كم عددكم وأين تسكنون وما تأكلون ومتى خلقتم؟
فقالت: يا نبي اللّه لو أمرت الجنّ والشياطين بحشر نمل الأرض لعجزوا عن ذلك لكثرتها، فما على وجه الأرض واد ولا جبل ولا غابة إلّا وفي أكنافها مثل ما في سلطاني. ونأكل رزق ربّنا ونشكره، وخلقنا قبل أبيك آدم بألفي عام.
وإنّ النملة الواحدة منّا لا تموت حتى تلد كراديس النمل، وليس على وجه الأرض ولا في بطنها حيوان أحرص من النمل، فإنّها تجمع في صيفها ما يملأ