آخر ملوك بني أميّة، حين هدم حائط تدمر، فأفضى الهدم إلى خرق عظيم، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصّص كأن اليد قد رفعت عنه، وإذا سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها عليها سبعون حلّة، ولها غدائر مشدودة بخلخالها، قال: فكانت قدمها ذراعا من غير أصابع، وفي بعض غدائرها صفيحة ذهب فيها مكتوب: باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسّان أدخل اللّه الذلّ على من يدخل عليّ! فأمر مروان بالخرق فأعيد كما كان، ولم يأخذ شيئا من حليّها! قال:
فواللّه ما مكثنا بعد ذلك إلّا أيّاما حتى أقبل عبد اللّه بن علي وحارب مروان وفرّق جيوشه، وأزال الملك عن بني أميّة.
وبها تصاوير كثيرة، منها صورة جاريتين من حجارة نمّق الصانع في تصويرهما، مرّ بهما أوس بن ثعلبة فقال:
فتاتي أهل تدمر خبّراني … ألمّا تسأما طول المقام
قيامكما على غير الحشايا … على حبل أصمّ من الرّخام
فكم قد مرّ من عدد اللّيالي … لعصر كما وعام بعد عام
وإنّكما على مرّ اللّيالي … لأبقى من فروع ابني شمام
فسمع هذه الأبيات يزيد بن معاوية فقال: للّه درّ أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم أهل الشام، لم يذكرهما أحد منكم، فمرّ بهما هذا العراقي وقال ما قال!
[تستر]
مدينة مشهورة قصبة الأهواز، الماء يدور حولها. بها الشاذروان الذي بناه شابور، وهو من أعجب البناء وأحكمها، امتداده يقرب من ميل حتى يردّ الماء إلى تستر، وهي صنعة عجيبة مبنيّة بالحجارة المحكمة وأعمدة الحديد وملاط الرصاص، وإنّما رجع الماء إلى تستر بسبب هذا الشاذروان، وإلّا لامتنع