قرية من قرى بغداد من أعمال دجيل. ينسب إليها يحيى بن محمّد بن هبيرة وزير المقتفي. كان وزيرا ذا رأي وعلم ودين وثبات في الأمور. حكى الوزير وقال: تطاول علينا مسعود بن محمود السلجوقي، فعزم المقتفي أن يحاربه فقلت: هذا ليس بصواب! ولا وجه لنا إلّا الالتجاء إلى اللّه. فاستصوب رأيي فخرجت من عنده يوم الجمعة لأربع وعشرين من جمادى الأولى وقلت: ان النبيّ، ﵇، دعا شهرا فينبغي أن ندعو شهرا. ثمّ لازمت الدعاء كلّ ليلة إلى أن كان يوم الرابع والعشرين من جمادى الآخرة، فجاء الخبر بأن السلطان مات على سرير ملكه وتبدّد شمل أصحابه، وأورثنا اللّه أرضهم وديارهم.
حكي أنه قبل وزارته كان بينه وبين رجل بغدادي ساكن بالجانب الغربي صداقة، فسلّم الرجل إلى يحيى ثلاثمائة دينار وقال له: إذا أنا متّ جهزني منها، وادفني بمقبرة معروف الكرخي، وتصدّق بالباقي على الفقراء. فلمّا مات قام يحيى وجهزه ودفنه كما وصى والذهب في كمّه عائدا إلى الجانب الشرقي، قال:
فوقفت على الجسر فسقط الذهب من كمّي في الماء وهو مربوط في منديل، فضربت بيدي على الأخرى وحولقت، فقال رجل: ما لك؟ فحكيت له فخلع ثيابه وغاص، وطلع والمنديل في فمه، فأخذت المنديل وأعطيته منها خمسة دنانير، ففرح بذلك ولعن أباه، فأنكرت عليه فقال: انّه مات وأزواني! فسألته عن أبيه فإذا هو ابن الرجل الميت فقلت: من يشهد لك بذلك؟ فأتى بمن شهد له انّه ابن ذلك الميت فسلّمت إليه المال.
وكان كثيرا ما ينشد لنفسه:
يا أيّها النّاس، إني ناصح لكم … فعوا كلامي فإني ذو تجاريب
لا تلهينّكم الدّنيا بزخرفها … فما يدوم على حسن ولا طيب!