الدواليب ويسقي ماؤها ليظهر الطين، فيخرجه الفعلة إلى ظاهر الأرض ويغسلونها.
وإنّما يفعل ذلك ليأخذ خمس النيل، وماؤها يسقي ثلاث دفعات، لأن من وجه الأرض إلى الماء عشرين ذراعا، فينصب دولابا في الغار على وجه الماء، فيستقي ويصبّ في حوض كبير، وينصب على ذلك الحوض دولابا آخر فيستقي ويصبّ في حوض آخر، ثمّ ينصب إلى ذلك الحوض دولابا ثالثا فيستقي ويجري على وجه الأرض إلى المزارع والبساتين.
وذكروا أن هذه المعاملة لا تصحّ إلّا من صاحب مال كثير له آلاف يقعد على باب الغار ويكري الصنّاع والعملة، فيخرجون الطين ويغسلونه بين يديه، حتى إذا تمّ العمل أخرج خمس السلطان وسلّم الباقي له، فربّما يكون أصغر ممّا أنفق، وربّما يكون دونه على قدر جدّ الرجل.
[سابور]
مدينة بأرض فارس، بناها سابور بن أردشير، من دخلها لم يزل يشمّ روائح طيّبة حتى يخرج منها لكثرة رياحينها وأزهارها وكثرة أشجارها. قال البشّاري: مدينة سابور نزهة جدّا، بها ثمار الجروم والصرود من النخل والزيتون والأترج والجوز واللوز والعنب وقصب السكر. وأنهارها جارية وثمارها دانية.
وقراها مشتبكة، يمشي السائر أيّاما تحت ظلّ الأشجار كصغد سمرقند، وعلى كلّ فرسخ بقّال وخبّاز.
ينسب إليها أبو عبد اللّه السابوري. كان من أولياء اللّه تعالى، قال الأستاذ أبو عليّ الدقّاق: إنّ أبا عبد اللّه كان صيادا، فإذا نزلنا به أطعمنا من لحم الصيد ثمّ ترك ذلك. فسألناه عن سببه فقال: كنت أنصب شبكتي على عين ماء، فالظباء كانت تأتي لتشرب فتتعلّق بالشبكة. فنصبتها في بعض الأيّام فإذا أنا بظبية معها غزلان ثلاثة في انتصاف النهار عند شدّة الحرّ، فقصدت الماء لتشرب، فلمّا رأت الشبكة نفرت عنها وذهبت وقد غلبها وغزلانها العطش، ثمّ عادت