إذا شهد على الآخر بالنفاق يمتحنان بالسيف، وذلك بأن يخرج الرجلان الشاهد والمشهود عليه بإخوتهما وعشيرتهما، فيعطى كلّ واحد سيفين يشدّ أحدهما في وسطه ويأخذ الآخر بيده، ويحلف الذي نسب إلى النفاق أنّه بريء ممّا رمي به بالأيمان المعتبرة عندهم، ويحلف الآخر أن الذي قال فيه حقّ، ثمّ يسجد كلّ واحد على بعد من صاحبه نحو المشرق، ثمّ يبرز كلّ واحد إلى صاحبه ويتقاتلان حتى يقتل أحدهما أو ينقاد.
ومنها محنة النار، فإذا اتّهم أحد بالمال أو الدم تؤخذ حديدة تحمى بالنار، ويقرأ عليها شيء من التوراة وشيء من الإنجيل ويثبت في الأرض عودان قائمان، وتؤخذ الحديدة بالكلبتين من النار، وتنزّل على طرفي العودين، فيأتي المتّهم ويغسل يديه ويأخذ الحديدة ويمشي بها ثلاث خطوات ثمّ يلقيها ويربط يده برباط، ويختم عليه ويوكّل به يوما وليلة، فإن وجد به في اليوم الثالث نفاطة يخرج منها الماء فهو مجرم، وإلّا فهو بريء.
ومنها محنة الماء، وهي أن المتّهم تربط يداه ورجلاه ويشدّ في حبل، والقسيس يمشي به إلى ماء كثير يلقيه فيه، وهو يمسك الحبل، فإن طفا فهو مجرم، وإن رسب فهو بريء بزعمهم أن الماء قبله! ولا يمتحنون بالماء والنار إلّا العبيد، وأمّا الأحرار فإن اتّهموا بمال أقلّ من خمسة دنانير يبرز الرجلان بالعصا والترس، فيتضاربان حتى ينقاد أحدهما، فإن كان أحد الخصمين امرأة أو اشلّ أو يهوديّا، يقيم عن نفسه بخمسة دنانير، فإن وقع المتّهم فلا بدّ من صلبه وأخذ جميع ماله، ويعطى المبارز من ماله عشرة دنانير.
[بجنة]
موضع ببلاد الترك، بها جبل على قلّته شبه خرقاه من الحجر، وداخل الخرقاه عين ينبع الماء منها، وعلى ظهر الخرقاه شبه كوة يخرج الماء منها وينصبّ من الخرقاه إلى الجبل، ومن الجبل إلى الأرض، وتفوح من ذلك الماء رائحة طيّبة.