من أشهر مدن خراسان وأقدمها وأكثرها خيرا، وأحسنها منظرا وأطيبها مخبرا. بناها ذو القرنين، وقهندزها أقدم منها. قيل: إنّه من بناء طهمورث. وروى بريدة بن الحصيب أن رسول اللّه، ﷺ، قال: يا بريدة إنّه ستبعث من بعدي بعوث، فإذا بعثت فكن في بعث المشرق ثم في بعث خراسان ثمّ في بعث أرض يقال لها مرو، فإذا أتيتها فانزل مدينتها فإنّه بناها ذو القرنين وصلّى فيها عزيز، وأنهارها تجري بالبركة، على كلّ نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهله السوء إلى يوم القيامة. فقدمها بريدة غازيا وأقام بها إلى أن مات.
حكي أن قهندزها عمارة عظيمة، ولمّا أراد طهمورث الملك بناء قهندز مرو بني بألف رجل، وأقام لها سوقا فيه ما يحتاجون إليه، فكان إذا أمسى الرجل أعطي درهما فيشتري به ما يحتاج إليه فتعود الدراهم إلى أصحاب الملك، حتى إذا تمّ لم يخرج على البناء إلّا ألف درهم.
وحكى أبو إسحاق الطالقاني قال: كنت على الزربق في مسجد العرب عند عبد اللّه بن المبارك، فانهار ركن من القهندز، فسقطت منها جماجم، فتناثرت من جمجمة أسنانها، فوزنت سنّان منها فكان في كلّ واحدة منهما منوان، فجعل عبد اللّه بن المبارك ينقلهما بيده ويتعجّب منهما ويقول: إذا كانت هذه سنّهم فكيف تكون بقيّة أعضائهم؟ وقال:
أتيت بسنّين قد قدما … من الحصن لمّا أثاروا الدّفينا