اسم جامع لجميع بلاد الترك، وحدّها من الإقليم الأوّل ضاربا في المشرق عرضا إلى الإقليم السابع، وأكثرهم أهل الخيام، ومنهم أهل القرى، وسنذكر بلادهم وقبائلهم في الإقليم السادس إن شاء اللّه تعالى، وإنّهم سكّان شرقي الأقاليم كلّها من الجنوب إلى الشمال، ممتازة عن جميع الأمم بكثرة العدد، وزيادة الشجاعة والجلادة وصورة السباع، عراض الوجوه فطس الأنوف عبل السواعد ضيقو الأخلاق، والغالب عليهم الغضب والظلم والقهر وأكل لحوم الحيوانات، لا يريدون لها بدلا، ولا يراعون فيها نضجا، ولا يرون إلّا ما كان اغتصابا كما هي عادة السباع. وليس عيشهم إلّا شنّ غارة أو طلب ظبي نافر أو طير طائر، حتى إذا ظنّ بهم الكلال رأيتهم على نشاطهم الأوّل في ركض الخيل، وتسنّم الجبال. وحسبك ما ترى من كبر همّتهم أن أحدهم إذا سبى لا يرضى أن يكون زعيما أو متقدّما لعسكر سيّده، بل يريد انتزاع الملك من سيّده والقيام مقامه.
حكى بعض التجّار قال: خرج من خوارزم قفل عظيم، فلمّا ذهبوا أيّاما وبعدوا عن خوارزم ساروا ذات يوم، فلمّا نزل القوم رأوا مماليكهم الترك خرجوا عن وسط القوم، وكان عددهم أكثر من عدد التجّار يرمون القوم بالنشاب. قالوا: ما شأنكم؟ قالوا: نريد نقتلكم ونأخذ هذه الأموال، نشتري منها الخيل والسلاح، ونمشي إلى خدمة السلطان! فقال القوم لهم: أنتم لا تحسنون بيع هذا القماش فاتركوه معنا حتى نحسن نشتري لكم منها الخيل والسلاح، ونجعل أحدكم أميرا، وتمشون إلى خدمة السلطان! فخدعوهم وبعثوا إلى خوارزم من يخبر شحنة خوارزم بالحال، فما كان إلّا أيّام قلائل حتى وصل الشحنة.
قبض على المماليك، وردّ القفل إلى خوارزم، وصلب المماليك، ونادى في خوارزم أن لا يشتري من التجّار أحد مملوكا رجلا!