للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحسبك من غلبتهم في الأمور وصعوبة جانبهم قوله، : اتركوا الترك ما تركوكم! والترك ليسوا من الديانات في شيء، فمنهم عبدة الكواكب، ومنهم عبدة النيران، ومنهم من على مذهب النصارى، ومنهم مانوية، ومنهم ثنوية، ومنهم سحرة، وصنعتهم الحرب والطعن والضرب الذي هو صنعة المريخ فإنّه صاحبهم.

وحكي أن هشام بن عبد الملك بعث رسولا إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام؛ قال الرسول: دخلت عليه وهو يتّخذ بيده سرجا. قال للترجمان: من هذا؟ فقال: إنّه رسول ملك العرب. فأمرني إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز ثمّ بعد أيّام استدعاني وقال: ما بغيتك؟ فتلطّفت له وقلت: إن صاحبي يريد نصيحتك، ويرى أنّك في ضلال يريد أن تدخل في دين الإسلام! فقال: ما الإسلام؟ فأخبرته بأركانه وشرائطه وحلاله وحرامه، فتركني أيّاما ثمّ ركب ذات يوم مع عشرة أنفس، ومع كلّ واحد لواء وحملني معه، فمضينا حتى صعدنا تلّا وحول التلّ غيضة. فلمّا طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك أن ينشر لواءه ففعل، فوافى عشرة آلاف فارس متسلّحين ثمّ أمر غيره، فما زال واحد بعد واحد ينشر لواءه ويأتي عشرة آلاف حتى صار تحت التلّ مائة ألف مدجّج.

ثمّ قال للترجمان: قل لهذا الرسول ارجع إلى صاحبك وأخبره أن هؤلاء ليس فيهم إسكاف ولا حجّام ولا خيّاط، فإذا أسلموا والتزموا الشرائط للإسلام فمن أين مأكلهم؟

وحكى داود بن منصور الباذغيسي، وكان رجلا صالحا، قال: اجتمعت بابن ملك الغزّ فوجدته رجلا ذا فهم وعقل وذكاء، واسمه لقيق بن جثومة، وقلت له: بلغنا أن الترك يجلبون المطر والثلج متى شاءوا، كيف سبيلهم إلى ذلك؟ فقال: الترك أحقر وأذلّ عند اللّه تعالى من أن يستطيعوا هذا الأمر، والذي بلغك حقّ، وأنا أحدّثك به: بلغني أن بعض أجدادي راغم أباه وكان أبوه ملكا، فاتّخذ لنفسه أصحابا وموالي وغلمانا، وسار نحو المشرق يغير

<<  <   >  >>