وقصبتها دزدان. وكانت مدينة ذات سور عريض عال حتى تركض الخيل على سورها لسعته، وكان رئيسها عاصيا على السلاطين، قال: وكنت أنظر إلى رئيسها وهو جالس على برج مبني على بابها عال، ينظر إلى عدّة فراسخ وبيده سيف مجرد، فمتى رأى خيلا من بعض الجهات لمع بسيفه. فانجفلت المواشي والقوافل إلى المدينة وقالوا: انّها مدينة منصورة ممتنعة عمّن يرومها. دعا لها داود وسليمان، ﵉.
ينسب إليها طالوت الذي بعثه اللّه تعالى ملكا إلى بني إسرائيل فقالوا: أنّى يكون له الملك علينا ونحن أحقّ بالملك منه؟ والمتغلّبون عليها إلى اليوم يزعمون أنّهم من ولد طالوت. وهي مخصوصة بقلّة رمد العين والجدري؛ هذا آخر كلام مسعر.
وبها جبل ينبت حبّ الزلم الصالح لأدوية الباه، لم يعرف في مكان غيره.
وبها نوع من الكرم يأتي سنة بالعنب وسنة بثمرة شبيهة بالجزر شديدة الحمرة، أسود الرأس يقولون له الودع. وبها عقارب قتّالة أضرّ من عقارب نصيبين.
[شهرستان]
مدينة بخراسان بين نيسابور وخوارزم على طرف بادية الرمل. وبساتينها ومزارعها بعيدة عنها، والرمال متّصلة بها لا تزال تسفّ. ولها وقف على رجال وثيران ينحّون الرمل عنها أبدا. وربّما يغشاها في يوم واحد أضعاف ما ينحوّن عنها زمانا طويلا، والناس ينظرون إليه وهو يجري كالماء الجاري. يجلب منها العمائم الرفاع الطوال ولأهلها يد باسطة في صنعتها.
وينسب إليها الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل، وكان رجلا فاضلا متكلّما، ويزعم أنّه انتهى إلى مقام الحيرة، وهو القائل:
لقد طفت في تلك المعاهد كلّها … وصيّرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلّا واضعا كفّ حائر … على ذقن أو قارعا سنّ نادم!