للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها نوع يقال له البقونس، يقولون: لولا البقونس لم تخالف أهل تونس.

وأهلها موصوفون باللؤم ودناة النفس والبخل الشديد، والشغب والخروج على الولاة؛ قال بعض ولاتهم وقد خرجوا عليه ولقي منهم التباريح فقال:

لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها ... ولكنّني ألفيتها وهي توحش

وبين تونس والقيروان ثلاثة أيام، بينهما موضع يقال له محقة، بها أمر عجيب، وهو أنه إذا كان أوان الزيتون قصدته الزرازير، وقد حمل كل طائر معه زيتونتين في مخلبيه يلقيهما هناك، ويحصل من ذلك غلة قالوا: تبلغ سبعين ألف درهم!

[التيه]

هو الموضع الذي ضل فيه موسى، عليه السلام، مع بني إسرائيل، بين ايلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة أربعون فرسخاً في أربعين فرسخاً لما امتنعوا من دخول الأرض المقدسة، حبسهم الله تعالى في هذا التيه أربعين سنة، كانوا يسيرون في طول نهارهم، فإذا انتهى النهار نزلوا بالموضع الذي رحلوا عنه، وكان مأكولهم المن والسلوى، ومشروبهم من ماء الحجر الذي كان مع موسى، عليه السلام، ينفجر منه اثنتا عشرة عيناً، على عدد الأسباط، كل سبط يأخذ منه ساقية، ويبعث الله تعالى سحابة تظلهم بالنهار وعموداً من النور يستضيئون به بالليل. هذا نعمة الله تعالى عليهم، وهم عصاة مسخوطون، فسبحان من عمت رحمته البر والفاجر! قيل: لما خرج بنو إسرائيل من مصر عازمين الأرض المقدسة كانوا ستمائة ألف، وما كان فيهم من عمره فوق الستين ولا دون العشرين، فمات كلهم في أربعين سنة. ولم يخرج ممن دخل مع موسى إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، وهما الرجلان اللذان كانا يقولان: ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، فدخل يوشع، عليه السلام، بعقبهم وفتح أرض الشام.

<<  <   >  >>