فبني على أحسن ما يكون وأتقنه، ووفت شيرين للبلهبد بالضيعة فنقل إليها عياله، وله نسل بأصفهان ينتمون إلى بلهبد.
ودخل بعض الشعراء قصر شيرين فرأى تلك العمارات الرفيعة، ورأى إيوان شيرين وصورتها وصورة جواريها على الحائط فقال:
يا طالبي غرر الأماكن … حيّوا الدّيار ببرزماهن
وسلوا السّحاب تجودها … وتسحّ في تلك الأماكن
واها لشيرين التي … قرعت فؤادك بالمحاسن!
واها لمعصمها المليح وللسّوالف والمغابن!
في كفّها الورق الممسّك والمطيّب والمداهن
وزجاجة تدع الحكيم إذا انتشى في زيّ ماجن
وشغفت حين رأيتها … واهتاج مني كلّ ساكن
فسقى رباع الكسرويّة … بالجبال وبالمدائن
دان يسفّ ربابه وتناله أيدي الحواضن
قمّ
مدينة بأرض الجبال بين ساوة وأصفهان، وهي كبيرة طيّبة خصبة مصّرت في زمن الحجّاج بن يوسف سنة ثلاث وثمانين. أهلها شيعة غالية جدّا والآن أكثرها خراب. ومياههم من الآبار أكثرها ملح، فإذا أرادوا حفرها وسعوا في حفرها وبنوا من قعرها بالأحجار إلى شفيرها، فإذا جاء الشتاء أجروا ماء واديهم ومياه الأمطار إليها، فإذا استقوه بالصيف كان عذبا طيّبا.
وبها بساتين كثيرة على السواقي، وفيها الفستق والبندق. بها ملّاحة طلسمها بليناس في صخرة ليدوم جريان مائها، ولا ينقطع ما لم يخطر عليه، وماء هذه العين ينعقد ملحا ويأخذه كلّ مجتاز.