فذهب إلى طبرستان يستنجد بملوك بني سامان، ويحارب آل بويه إلى أن غدر به ابنه منوجهر وحبسه في بعض القلاع، وملوك الديلم ما كانوا في طاعة الخلفاء.
فلمّا وقع لقابوس ما وقع قال المقتدر باللّه:
قد قبس القابسات قابوس … ونجمه في السّماء منحوس!
فكيف يرجى الفلاح من رجل … يكون في آخر اسمه بوس؟
فلمّا سمع قابوس ذلك قال:
يا ذا الذي بصروف الدّهر عيّرنا … هل عاند الدّهر إلّا من له خطر؟
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف … ويستقرّ بأدنى قعره الدّرر؟
وفي السّماء نجوم غير ذي عدد … وليس يكسف إلّا الشّمس والقمر
[بلخ]
مدينة عظيمة من أمّهات بلاد خراسان. بناها منوجهر بن ايرج بن افريدون.
أهلها مخصوصون بالطرمذة من بين سائر بلاد خراسان.
كان بها النوبهار، وهو أعظم بيت من بيوت الأصنام. لمّا سمع ملوك ذلك الزمان بشرف الكعبة واحترام العرب إيّاها، بنوا هذا البيت مضاهاة للكعبة، وزيّنوه بالديباج والحرير والجواهر النفيسة، ونصبوا الأصنام حوله. والفرس والترك تعظّمه وتحجّ إليه وتهدي إليه الهدايا. وكان طول البيت مائة ذراع في عرض مائة، وأكثر من مائة ارتفاعا، وسدانته للبرامكة، وملوك الهند والصين يأتون إليه، فإذا وافوا سجدوا للصنم وقبّلوا يد برمك. وكان برمك يحكم في تلك البلاد كلّها، ولم يزل برمك بعد برمك إلى أن فتحت خراسان في أيّام عثمان بن عفّان، ﵁، وانتهت السدانة إلى برمك أبي خالد، فرغب في الإسلام وسار إلى عثمان وضمن المدينة بمال. وفتح عبد اللّه بن عامر بن كريز