أنشدني فقد كان يعجبني شعرك! فقال عبيد: حال الجريض دون القريض! فقال المنذر: أنشدني قولك اقفر من أهله ملحوب. فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد … فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنّت له منيّة نكود … وحان منه لهما ورود!
فقال المنذر: يا عبيد لا بدّ من الموت! ولقد علمت لو أن النعمان ابني عرض لي يوم بؤسي لا بدّ لي من ذبحه! واستدعى له الخمر فلمّا أخذت منه نفسه وطابت وقدم للقتل أنشد:
ألا أبلغ بنيّ وأعمامهم … بأنّ المنايا هي الواردة!
لها مدّة فنفوس العباد … إليها، وإن كرهت، قاصده
فلا تجزعوا لحمام دنا … فللموت ما تلد الوالدة
فأمر به ففصد حتى نزف دمه وغرّى بدمه الغريّين.
وحكي أن في بعض أيّام بؤسه وقع رجل من طيّء يقال له حنظلة، فقال له المنذر: لابدّ من قتلك! سل حاجتك. فقال: أجرني سنة حتى أرجع إلى أهلي وأفعل ما أريد ثمّ أصير إليك! فقال المنذر: ومن يكفلك أنّك تعود؟ فنظر إلى جلسائه فعرف شريك بن عمرو بن شراحيل الشيباني فقال:
يا شريك يا ابن عمرو … ويا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فكّ … اليوم رهنا قد أنى له
إنّ شيبان قبيل … أكرم النّاس رجاله
وأبو الخيرات عمرو … وشراحيل الحماله
ورثاك اليوم في المجد … وفي حسن المقالة
فوثب شريك وقال: أبيت اللعن! يدي بيده ودمي بدمه! فأطلقه المنذر،