للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرّد برجلك عنّا حيث شئت … ولا تكثر عليّ ودع عنك الأقاويلا

فقد رميت بداء لست غاسله … ما جاوز النّيل يوما شطّ ابلبلا

قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا … فما اعتذارك عن قول إذا قيلا؟

وأمّا عديّ بن زيد فقد سعوا به حتى أبعده النعمان، وكان ابنه زيد بن عديّ كاتبا لكسرى في المكاتبات العربيّة، فذكر لكسرى حبس أبيه، فبعث كسرى إلى النعمان يأمره بالإفراج، فلمّا وصل الرسول بعث عديّ إلى الرسول يقول:

أبصرني قبل أن تمشي إلى النعمان حتى لا يقول النعمان انّه مات! فقال الرسول:

أخاف من مؤاخذة كسرى، فإنّه ما بعثني إلّا إلى النعمان. فلمّا أدّى الرسول الرسالة قال النعمان: عدي من زمان مات! وأمر بقتله.

وعرف الحال زيد بن عدي فطلب فرصة لينتقم من النعمان، وكان كسرى مشغوفا بالنساء، أيّ امرأة حسناء ذكرت عنده يرسل إلى تحصيلها، فكان يجري في مجلسه ذكر النساء. قال زيد بن عدي: ان لعبدك النعمان بنات في غاية الحسن والجمال، إن اقتضى رأي الملك يبعثني إليه أخطب بناته للملك! فبعثه كسرى مع بعض خواصّه من العجم، فقال النعمان: إن للملك في مها العجم لمندوحة عن سودان العرب! فقال زيد للعجمي: احفظ ما يقوله حتى تقول لكسرى! فلمّا عاد إلى كسرى قال: ما معنى هذا الكلام؟ قال زيد: يقول الملك له بقر العجم، ما له ولكحلاوات العرب؟ فتأذى كسرى من هذا وبعث إليه يطلبه، فهرب النعمان في البرية، فما كان حيّ من الأحياء يحويه خوفا من كسرى.

وكلّما أتى عليه الوقت ذهب ماله وقلّ عدده، فرأى أن يأتي كسرى تائبا.

فلمّا وصل أمر كسرى بنصب القباب وإخراج جميع جواريه يرقصن في غناء عجمّي معناه: من له كلّنا أيّ حاجة له إلى البقر؟ فلمّا دخل دهليز كسرى قبض عليه وأمر بإلقائه تحت أرجل الفيل؛ قال الشاعر:

فأدخل بيتا سقفه صدر فيلة … بساباط والحيطان منه قوائمه

<<  <   >  >>