وبها بئر زمزم وهي البئر المشهورة المباركة بقرب الكعبة؛ قال مجاهد:
ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك اللّه، وان شربته لظمإ أرواك اللّه، وان شربته لجوع أشبعك اللّه.
قال محمّد بن أحمد الهمذاني: كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها أربعين ذراعا، وفي قعرها ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود، وأخرى حذاء أبي قبيس، وقلّ ماؤها في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فحفروا فيها تسعة أذرع فزاد ماؤها، ثمّ جاء اللّه تعالى بالأمطار والسيول في سنة خمس وعشرين ومائتين فكثر ماؤها، وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه إحدى عشرة ذراعا وهو مطويّ، والباقي وهو تسع وعشرون ذراعا منقور في الحجر، وذرع تدويرها إحدى عشرة ذراعا، وسعة فمها ثلاث أذرع وثلثا ذراع، وعليها ميلان ساج مربعة فيها اثنتا عشرة بكرة يستقى عليها. وأوّل من عمل الرخام عليها وفرش به أرضها المنصور. وعلى زمزم قبّة مبنيّة في وسط الحرم عند باب الطواف تجاه باب الكعبة.
في الخبر: ان الخليل، ﵇، ترك إسماعيل وأمّه عند الكعبة وكرّ راجعا. قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال: إلى اللّه. قالت: حسبنا اللّه! فأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها فأدركتها الحنّة على ولدها، فتركت إسماعيل بموضعه وارتقت إلى الصفا تنظر هل ترى عينا أو شخصا، فلم تر شيئا فدعت ربّها واستسقته، ثمّ نزلت حتى أتت المروة ففعلت مثل ذلك، ثمّ سمعت صوت السباع فخشيت على ولدها، فأسرعت نحو إسماعيل فوجدته يفحص الماء من عين قد انفجرت من تحت خدّه، وقيل بل من تحت عقبه. فلمّا رأت هاجر الماء يسري جعلت تحوّطه بالتراب لئلّا يسيل. قيل: لو لم تفعل ذلك لكان عينا جارية. قالوا: وتطاولت الأيّام على ذلك حتى عفتها السيول والأمطار ولم يبق لها أثر.
وعن عليّ، كرّم اللّه وجهه: ان عبد المطلب بينا هو نائم في الحجر إذ