يومئذ الشداخ لما شدخ من الدماء ووضع منها* قال ابن اسحاق فولى قصى البيت وأمر مكة وجمع قومه من منازلهم الى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه فكان قصى أوّل بنى كعب أصاب ملكا أطاع له به قومه فكانت اليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كله وقطع مكة أرباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التى أصبحوا عليها ويزعم الناس ان قريشا هابوا قطع الشجر من الحرم فى منازلهم فقطعها قصى بيده وأعوانه فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها وتيمنت بأمره فما نكحت امرأة ولا تزوّج رجل من قريش ولا يتشاورون فى أمر نزل بهم ولا يعقد لواء الحرب قوم غيرهم الا فى داره يعقده لهم بعض أولاده ولا يعذر غلام الا فى داره ولا تدّرع جارية من قريش الا فى بيته يشق عليها فيها درعها اذا بلغت ذلك ثم تدرعه ثم ينطلق بها الى أهلها ولا يخرج عير من قريش فيرحلون الا من داره ولا يقدمون الا نزلوا فى داره فكان أمره فى حياته وبعد موته كالدين المتبع لا يعمل بغيره واتخذ لنفسه دار الندوة قيل كانت فى جهة الحجر والميزاب عند المقام الحنفى اليوم وجعل بابها الى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضى امورها ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصى الا ابن أربعين سنة وكان يدخلها ولده كلهم وحلفاؤهم ولما فرغ قصى من حربه انصرف أخوه رزاح الى بلاده بمن معه من قومه* وعن محمد بن جبير بن مطعم ان قصى بن كلاب كان يعشر من يدخل مكة من غير أهلها فهذا حديث قصى فى ولاية البيت بعد حليل بن حبشية واخراج خزاعة عنه وخزاعة تزعم أن حليلا أوصى بذلك قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد وقال أنت أولى بالكعبة وبالقيام عليها وبأمر مكة من خزاعة فعند ذلك طلب قصى ما طلب* قال ابن اسحاق ولم يسمع ذلك من غيرهم والله أعلم وقد سمع فى سبب ولاية قصى وجه آخر وهو أنه قال أبو عبيدة زعم ناس من خزاعة كان حليل آخر من ولى البيت من خزاعة فلما ثقل جعل ولاية البيت الى ابنته حبى فقالت له قد علمت انى لا أقدر على فتح الباب واغلاقه قال انى أجعل الفتح والاغلاق الى رجل يقوم لك فجعله الى رجل خزاعى يقال له أبو غبشان بفتح الغين المعجمة وضمها وهو سليم بن عمرو بن لؤى بن ملكان وهو الذى ولى سدانة الكعبة قبل قريش فاجتمع مع قصى فى شرب بالطائف فأسكره قصى ثم اشترى مفاتيح بيت الله الحرام منه بزق خمر وفى رواية بزق خمر وكبش وفى رواية بزق خمر وقعود وأشهد عليه ودفع المفاتيح الى ابنه عبد الدار وطيره الى مكة فلما أفاق أبو غبشان ندم من المبيع أو ندّمه قومه وعابوا عليه فجحد البيع وقال انما رهنته بحقه فضرب به الامثال فى الحمق والندم وخسارة الصفقة فقالوا أخسر من صفقة أبى غبشان فذهب مثلا كذا فى القاموس ثم وقع الحرب بين قصى وابى غبشان وقومهما قريش وخزاعة فذلك قول الشاعر
أبو غبشان أظلم من قصىّ ... وأظلم من بنى فهر خزاعه
فلا تلحوا قصيا فى شراه ... ولوموا شيخكم ان كان باعه
ونصر قصيا رجال من قومه قريش وبنى كنانة وقضاعة وبعد قتال شديد استقرّ الامر على قصى فتزوّج قصى عاتكة بنت فالخ بن مليك بن فالخ بن ذكوان من بنى سليم فولدت له عبد مناف* وقال أبو اليقظان أم عبد مناف حبى بنت حليل الخزاعى فأمّ عبد مناف سلمية وقيل خزاعية فهى رابعة الجدّات النبويات* وفى الاكتفاء فولد قصى بن كلاب أربعة بنين وبنتين عبد مناف واسمه المغيرة وعبد الدار وعبد العزى وعبد او تخمر وبرة وأمهم جميعا حبى بنت حليل بن حبشية قال ابن هشام ويقال حبشية بن سلول وفى سيرة ابن هشام سلول بن كعب بن عمرو الخزاعى* قال الزبير بن بكار لما ولد لقصى أوّل ولده سماه عبد مناة ثم نظر فاذا هو موافق لاسم عبد مناف بن كنانة فأحاله الى عبد مناف