وساد عبد مناف فى حياة أبيه وكان مطاعا فى قريش وهو الذى يدعى القمر لجماله واسمه المغيرة وكنيته أبو عبد شمس ومناة اسم صنم وذكر الزبير عن موسى بن عقبة انه وجد كتابا فى حجر فيه أنا المغيرة بن قصى آمر بتقوى الله وصلة الرحم واياه عنى القائل بقوله
كانت قريش بيضة فتقلقت ... فالمح خالصه لعبد مناف
وعن الواقدى أنه قال مات قصى بمكة فدفن بالحجون فتدافن الناس بعده بالحجون وكان نور رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عبد مناف وكان فى يده لواء نزار وقوس اسماعيل* وفى شفاء الغرام فلم تزل السقاية والرفادة والقيادة لعبد مناف بن قصى يقوم بها حتى توفى* قال ابن هشام هلك عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا وقد تزوّج عاتكة بنت مرّة بن هلال بن فالخ بن ذكوان من بنى سليم فهى سلمية أيضا وثالثة الجدّات النبويات الابويات فولدت له هاشما واسمه عمرو* وفى الاكتفاء فولد عبد مناف أربعة نفر هاشما وعبد شمس والمطلب ونوفلا كلهم لعاتكة بنت مرّة بن هلال بن فالخ بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة ابن سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن غيلان بن مضر الا نوفلا فليس منهم فانه لوافدة بنت عمرو المازنية مازن بن منصور بن عكرمة* قال ابن هشام وأبو عمرو وتماضر وقلابة وحبيبة وريطة وامّ الاخثم وامّ سفيان بنو عبد مناف فأم أبى عمرو وريطة امرأة من ثقيف وامّ سائر النساء عاتكة بنت مرّة بن هلال امّ هاشم بن عبد مناف وأمها صفية بنت حوزة بن عمرو بن سلول بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن وامّ صفية بنت عائذ الله بن سعد العشيرة بن مذحج* وفى المنتقى كان لعبد مناف خمسة بنين وسبع بنات* وفى شفاء الغرام ولد عبد مناف بن قصى خمسة نفر عمرو وهاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل فعدّ عمرا وهاشما اثنين وفى غير شفاء الغرام عدّهما واحدا وسيجىء تحقيقه* وفى روضة الاحباب كان لعبد مناف أربعة بنين هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل كأنه عدّ عمرا وهاشما واحدا أما هاشم فهو جدّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم واسمه عمرو ويقال له عمرو العلا أيضا لعلوّ مرتبته ولقبه هاشم لانه كان يهشم الثريد لاهل مكة أيام القحط والهشم كسر الشىء اليابس كذا فى القاموس* ولما توفى عبد مناف ولى بعده هاشم السقاية والرفادة أما السقاية فحياض من أدم كانت على عهد قصى توضع بفناء الكعبة ويستقى فيها الماء العذب من الآبار ويسقاه الحاج وأما الرفادة فخرج كانت تخرجه قريش فى الجاهلية من أموالها فى كل موسم فتدفعه الى قصى فتصنع به طعاما للحاج ويأكل منه من لم يكن له سعة ولا زاد وكان عبد مناف يعمل به بعده وكان هاشم يعمل به بعد أبيه فيطعم الناس فى كل موسم ما يجتمع عنده من ترافد قريش فلم يزل على ذلك من أمره حتى أصاب الناس سنة جدب شديد فخرج هاشم الى الشام فاشترى بما اجتمع عنده من المال دقيقا وكعكا فقدم مكة فى الموسم فهشم الخبز والكعك ونحر الجزور وطبخ وجعله ثريدا وأطعم الناس وكانوا فى مجاعة شديدة حتى أشبعهم فسمى لذلك هاشما* وقال عطاء عن ابن عباس انهم كانوا فى ضرّ ومجاعة شديدة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين يعنى فى الشتاء الى اليمن وفى الصيف الى الشام وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغنى حتى كان فقيرهم كغنيهم وقال الكلبى كان أوّل من حمل السمراء من الشام ورحل اليها الابل هاشم بن عبد مناف وفى ذلك يقول ابن الزبعرى السهمى
قل للذى طلب السماحة والندى ... هلا مررت بآل عبد مناف
هلا مررت بهم تريد قراهم ... منعوك من ضرّ ومن اتلاف
الرائشين وليس يوجد رائش ... والقائلين هم للاضياف
والخالطين فقيرهم بغنيهم ... حتى يكون فقيرهم كالكا فى