واسلك فى الخرزة خيطا من غير علاج انس ولا جنّ* وامرت بلقيس الغلمان فقالت اذا كلمكم سليمان فكلموه بكلام تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء وامرت الجوارى ان يكلمنه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال ثم قالت للمنذر ان نظر اليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك منظره وان رأيته بشاشا لطيفا فهو نبىّ فأقبل الهدهد مسرعا فأخبر سليمان الخبر كله وفى انوار التنزيل وقد سبق جبريل بالحال فأمر سليمان الجنّ فضربوا لبنات الذهب والفضة وفرشوا فى ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ* وفى معالم التنزيل أمرهم أن يبسطوا من موضعه الذى هو فيه الى تسعة فراسخ ميدانا واحدا بلبنات الذهب والفضة وجعلوا حول الميدان حائطا شرفه من الذهب والفضة وأمر الشياطين فأتوا بأحسن الدواب فى البرّ والبحر فربطوها عن يمين الميدان وعن يساره على لبنات الذهب والفضة وألقوا علوفتها فيها وأمر بأولاد الجنّ وهم خلق كثير فأقاموا عن اليمين وعن اليسار* ثم قعد سليمان فى مجلسه على سريره ووضع له أربعة آلاف كرسى عن يمينه ومثله عن يساره واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والانس صفوفا فراسخ والوحوش والسباع والطير والهوام كذلك فلما دنا الرسل ووصلوا معسكره والميدان ورأوا عظمة شأن سليمان وملكه ورأوا الدواب التى لم ترعينهم مثلها تروث على لبن الذهب والفضة تقاصرت اليهم أنفسهم فرموا بما معهم من الهدايا وفى بعض الروايات ان سليمان لما أمر بفرش الميدان بلبنات الذهب والفضة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعا على قدر اللبنات التى معهم فلما رأت الرسل موضع اللبنات خاليا وكل الارض مفروشة خافوا أن يتهموا بذلك فطرحوا كل ما معهم فى ذلك المكان فلما نظروا الى الشياطين رأوا منظرا عجيبا ففزعوا فقال لهم الشياطين جوزوا فلا بأس عليكم وكانوا يمرّون على كردوس من الجنّ والانس والطير والسباع والوحوش حتى وقفوا بين يدى سليمان فنظر اليهم نظرا حسنا بوجه طلق فقال ما وراءكم فأخبره رئيس القوم وأعطاه كتاب الملكة فنظر فيه ثم قال أين الحقة فأتى بها فحركها فجاء جبريل وأخبره بما فى الحقة فقال ان فيها درّة ثمينة غير مثقوبة وجزعة مثقوبة معوجة الثقب فقال الرسول صدقت فاثقب الدرة وأدخل الخيط فى الخرزة فقال سليمان من لى بثقبها فسأل سليمان الانس والجنّ فلم يكن عندهم علم ذلك ثم سأل الشياطين فقالوا أرسل الى الارضة فجاءت الارضة فأخذت شعرة فى فيها ودخلت فيها ثم خرجت من الجانب الآخر فقال لها سليمان ما حاجتك فقالت تصير رزقى فى الشجر فقال لك ذلك وروى أنه جاءت دودة تكون فى الصفصاف فقالت أنا أدخل الخيط فى الثقب على أن يكون رزقى فى الصفصاف فجعل لها ذلك فأخذت الخيط بفيها فدخلت الثقب وخرجت من الجانب الآخر ثم قال من لهذا الخرزة يسلكها فى الخيط فقالت دودة بيضاء أنا لها يا رسول الله فأخذت الدودة الخيط بفيها وثقبتها ودخلت الثقب حتى خرجت من الجانب الآخر فقال لها سليمان ما حاجتك قالت تجعل رزقى فى الفواكه قال لك ذلك ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء فى يدها وتجعله فى الاخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذ الماء يضرب به وجهه ثم ردّ الهدية وقال للمنذر ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولا طاقة ولنخرجنهم منها من سبأ أذلة بذهاب عزهم وهم صاغرون أسراء مهانون فلما رجع اليها رسولها بالهدايا وقص عليها القصة قالت هو نبى وما لنا به طاقة وبعثت الى سليمان انى قادمة اليك بملوك قومى لا نظر ما الذى تدعو اليه ثم جعلت عرشها فى آخر سبعة أبيات بعضها فى بعض فى آخر قصر من سبعة قصور لها ثم أغلقت دونه الابواب ووكلت به حرسا يحفظونه فشخصت اليه فى اثنى عشر ألف قيل تحت كل قيل الوف كثيرة حتى بلغت على رأس فراسخ قال ابن عباس كان سليمان عليه السلام رجلا مهيبا لا يبتدأ بشىء حتى يكون هو الذى سأل عنه فخرج يوما فجلس على سرير ملكه فرأى رهجا أى غبارا