فقالت أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع فى رجالكم ثم تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غيرة لشئ مما سمعت قال قلت وايم الله لا تعرضنّ له فان عاد لا كفيكنه قال فغدوت فى اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب فدخلت المسجد فرأيته فو الله انى لا مشى نحوه لا تعرضه ليعود لبعض ما قال فأوقع به وكان رجلا خفيفا حديد الوجه حديد اللسان حديد النظر اذ خرج نحو باب المسجد يشتدّ قال فقلت فى نفسى ماله لعنه الله أكل هذا فرقا منى أن اشاتمه قال فاذا هو قد سمع ما لم أسمعه صوت ضمضم بن عمرو الغفارى وهو يصرخ ببطن الوادى واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحوّل رحله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه لا أرى ان تدركوها الغوث الغوث قال فشغلنى عنه وشغله عنى ما جاء من الامر* وفى رواية فنادى أبو جهل فوق الكعبة يا اهل مكة النجاء النجاء على كل صعب وذلول عيركم وأموالكم ان أصابها محمد لن تفلحوا اذا أبدا فتجهز الناس سراعا وقالوا أيظنّ محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمى كلا والله ليعلمنّ غير ذلك فكانوا بين رجلين اما خارج واما باعث مكانه رجلا وأرعبت قريش ولم يتخلف من أشرافها أحد الا ان أبا لهب بن عبد المطلب قد تخلف وبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة وكان قد لأط له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على أن يجزئ عنه فخرج عنه وتخلف ابو لهب قال ابن اسحاق وحدّثنى عبد الله بن ابى نجيح ان أمية بن خلف كان قد أجمع على القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا فأتاه عقبة بن ابى معيط وهو جالس فى المسجد بين ظهرى قومه بمجمرة يحملها فيها نار حتى وضعها بين يديه ثم قال يا أبا على استجمر فانما أنت من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز فخرج مع الناس* وفى رواية كان أمية قد سمع من سعد بن معاذ أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال سأقتله فقال أمية والله ان محمد الا يكذب ولم يزل يخاف من ذلك فعزم للقعود فأتاه أبو جهل فقال يا أبا صفوان انك سيد أهل الوادى فسربنا يوما أو يومين فوسوس اليه حتى خرج وفى سيرة ابن هشام ولما فرغوا من جهازهم وأجمعوا السير ذكروا ما بينهم وبين بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب والعداوة قالوا نخشى أن يأتونا من خلفنا وكاد ذلك أن يثبطهم ويثنيهم فتبدّى لهم ابليس فى صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجى وكان سراقة من أشراف بنى كنانة فقال أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشىء تكرهونه فخرجوا سراعا* وفى رواية ولما التقى الجمعان كان ابليس فى صف المشركين على صورة سراقة بن مالك بن جعشم آخذا بيد الحارث بن هشام* وفى رواية بيد أبى جهل ورأى الملائكة نزلت من السماء ورأى جبريل معتجرا ببرد يمشى بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفى يده اللجام يقود الفرس وما ركب بعد وعلم انه لا طاقة له بهم نكص على عقبيه موليا هاربا فقال له الحارث الى أين أفرارا من غير قتال وحول بمكة أتخذ لنا فى هذه الحالة قال انى أرى ما لا ترون ودفع فى صدر الحارث فانطلق فانهزم الناس ولما قدموا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال بلغنى انكم تقولون انى هزمت الناس فو الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغنى هزيمتكم فقالوا ما أتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان كذا فى معالم التنزيل* وفى الاكتفاء ذكر انهم كانوا يرونه فى كل منزل فى صورة سراقة لا ينكرونه حتى اذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه فأوردهم ثم أسلمهم* روى عن السدّى والكلبى انهما قالا كان المشركون حين خرجوا الى النبى صلّى الله عليه وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا اللهمّ انصر أهدى الفئتين وأعلى الجندين وأكرم الحزبين وأفضل الدين ففيه نزلت ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح فخرجت قريش من مكة سراعا معها القيان والدفوف* قال ابن اسحاق