فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا اليه من يأتى به فذهب اليه سلمة بن الاكوع وأخذ بيده يقوده حتى أتى به الى النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو أرمد وكان قد عصب عينيه بشقة برد قطرى فتفل فى عينيه ودعا له فبرىء حتى كأن لم يكن به رمد ولا وجع فأعطاه الراية وعن علىّ أنه قال لما انتهيت الى النبىّ صلى الله عليه وسلم وضع رأسى فى حجره فبصق فى عينى وفى رواية عنه بصق فى كفه ومسح به عينى فشفيت فى الحال وما اشتكيتهما بعد اليوم أبدا وفى رواية فما وجعاه بعد حتى مضى لسبيله وفى رواية عن علىّ دعا له النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال اللهمّ أذهب عنه الحر والقر فما وجد بعده الحر والبرد وكان يلبس ثياب الصيف فى الشتاء ولا يبالى وثياب الشتاء فى الصيف ولا يبالى وفى رواية ألبسه النبىّ صلى الله عليه وسلم درعه الحديد وشدّ ذا الفقار أعنى السيف فى وسطه وأعطاه الراية ووجهه الى الحصن فقال علىّ يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا يعنى مسلمين فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فو الله لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من ان يكون لك حمر النعم يعنى تصدّقت بها فى سبيل الله أخرجاه فى الصحيحين* وفى معالم التنزيل قال امض ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك وفى الاكتفاء قال خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك قال سلمة ابن عمرو بن الاكوع فخرج علىّ والله يهرول هرولة وانا خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته فى ربض من حجارة تحت الحصن فاطلع اليه يهودى من فوق الحصن قال من أنت فقال على بن أبى طالب فقال اليهودى غلبتم وما أنزل على موسى أو كما قال قال فما رجع حتى فتح الله على يديه وفى المواهب اللدنية ولما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا فتناول ساق يهودى ليضربه ورجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه فلما قفلوا قال سلمة قلت يا رسول الله فداك أبى وأمّى زعموا ان عامرا قد حبط عمله قال النبىّ صلى الله عليه وسلم كذب من قاله وان له أجرين وجمع بين اصبعيه انه لجاهد مجاهد رواه البخارى وفى بعض كتب السير روى انه لما حاربوا على حصن صعب خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول شعرا
قد علمت خيبر أنى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرب
اذا الحروب أقبلت تلتهب
فبرز له عامر بن الاكوع وقال
قد علمت خيبر انى عامر ... شاكى السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين فاوّلا سلّ مرحب سيفه وضرب به عامرا فاتقى عامر بترسه فنشب السيف فى الترس فسل عامر سيفه وذهب يسفل فتناول به ساق مرحب ليضربه وكان فى سيفه قصر فرجع سيفه على نفسه فأصاب ذباب السيف ركبة نفسه فقطع أكحله فكانت فيها موته فدفنوه فى منزل رجيع مع محمود بن مسلمة فى غار واحد قال سلمة بن الاكوع لما رجعنا من خيبر رآنى النبىّ صلى الله عليه وسلم فى الطريق محزونا* وفى رواية قال أتيت النبىّ صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله يزعم أسيد بن حضير وجماعة من أصحابك ان عامرا حبط عمله اذ قتل بسيفه قال كذب من قاله ان له لأجرين اثنين وجمع بين اصبعيه وقال انه لجاهد مجاهد كما مرّ* وفى رواية قال انه ليعوم فى الجنة عوم الدعموص* وعن زيد بن ابى عبيد قال رأيت أثر ضربة بساق سلمة بن الاكوع فقلت ما هذه الضربة قال هذه ضربة أصابتنى يوم خيبر فأتيت النبىّ صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة أخرجه البخارى وعنه أيضا شهدنا خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدّعى الاسلام هذا من أهل النار فلما حضر القتال قاتل الرجل أشدّ