للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتال حتى كثرت به الجراحة فكاد بعض الناس يرتاب فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده الى كنانته فاستخرج منها سهما فنحر نفسه فاشتدّ رجال من المسلمين فقالوا يا رسول الله صدّق الله حديثك انتحر فلان فقتل نفسه فقال قم يا فلان فناد لا يدخل الجنة الا مؤمن وان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر* وفى رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ان الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وان الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة كذا فى المواهب اللدنية* وروى ان عليا لما انتهى الى حصن قموص كان أوّل من خرج اليه من الحصن الحارث اليهودى أخو مرحب مع اتباعه وباشهر الحرب وقتل رجلين من المسلمين فقتله علىّ فلما رأى مرحب أن أخاه قد قتل خرج من الحصن سريعا مع اتباعه وهو يرتجز ويقول

قد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرّب

أطعن أحيانا وحينا أضرب ... اذا الحروب أقبلت تلهب

ان حماى للحمى لا يقرب

روى أنه لم يكن فى أهل خيبر أشجع من مرحب وكان يومئذ قد لبس درعين وتقلد بسيفين واعتمّ بعمامتين ولبس فوقهما مغفرا وحجرا قد ثقبه قدر البيضة* وفى معالم التنزيل كهيئة البيضة على رأسه وله رمح سنانه ثلاثة أسنان ولم يقدر أحد من أهل الاسلام أن يقاومه فى الحرب فبرز له علىّ وهو يرتجز ويقول

أنا الذى سمتنى أمى حيدره ... ضرغام آجام وليث قسوره

وفى الكشاف كانت أمّه فاطمة بنت أسد رضى الله عنها سمته أسدا باسم أبيها وكان أبو طالب غائبا فلما رجع كره ذلك وسماه عليا* وفى معالم التنزيل والكشف* كليث غابات كريه المنظره* بدل* ضرغام آجام وليث قسوره* عبل الذراعين غليظ القصره* أو فيهم وفى رواية* أكيلكم بالصاع كيل السندره* قوله عبل الذراعين أى ضخمهما والقصرة أصل العنق والسندرة ضرب من الكيل كبير واسم امرأة كانت تبيع القمح وتوفى الكيل كذا فى القاموس قيل لعلّ النكتة فى ارتجاز علىّ بهذا الرجز أنّ مرحبا كان قد رأى فى المنام أنّ أسدا يفترسه فلعلّ الله أطلع عليا على رؤيا مرحب فأراد أن بذكره رؤياه ليقذف فى قلبه الرعب فيجبن جبن الرباح ولا تقوى يده على حمل السلاح* وفى حياة الحيوان الرباح بفتح الراء والباء المخففة دويبة كالسنور وهى التى يجلب منها الزباد وذكر القرود وفى الامثال قالوا أجبن من الرباح* فلما اختلطا أراد مرحب أن يضرب عليا فسبقه علىّ فعلاه بالسيف وهو ذو الفقار فتترس مرحب فوقع السيف على الترس فقدّه والحجر والمغفر والعمامتين وفلق هامته حتى أخذ السيف فى الاضراس كذا فى معالم التنزيل* قيل هذا أى قتل علىّ مرحبا هو الصحيح وما نظمه بعض الشعراء يؤيده وهو

علىّ حمى الاسلام من قتل مرحب ... غداة اعتلاه بالحسام المضخم

وفى رواية قتله محمد بن مسلمة* فى الاكتفاء ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الاموال ما حاز انتهوا الى حصنيهم الوطيح والسلالم وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة وخرج مرحب اليهودى من حصنهم قد جمع سلاحه وهو ينادى من يبارز ويرتجز ويقول

قد علمت خيبر أنى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرّب

<<  <  ج: ص:  >  >>