وقال له لا تبرح من حيث أمرتك أن تركز رايتى حتى آتيك* وفى الاكتفاء وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذى طوى الزبير بن العوّام أن يدخل فى بعض الناس من كداء وكان على المجنبة اليسرى وأمر سعد بن عبادة ان يدخل فى بعض الناس من كدى فذكروا ان سعدا حين وجه داخلا قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فسمعها رجل من المهاجرين قيل هو عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال يا رسول الله أتسمع ما قال سعد ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة وصدمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلىّ بن أبى طالب أدركه فخذ الراية فكن أنت الذى تدخل بها ويقال أخذت الراية من سعد ودفعت الى ابنه قيس بن سعد ويقال أمر الزبير بأخذ الراية وجعله مكان سعد على الانصار مع المهاجرين* وفى المواهب اللدنية هذه ثلاثة أقوال فيمن دفعت اليه الراية التى نزعت من سعد والذى يظهر من الجميع ان عليا أرسل لينزعها من سعد ويدخل بها ثم خشى من تغير خاطر سعد فأمر بدفعها الى ابنه قيس ثم ان سعدا خشى أن يقع من ابنه شئ ينكره النبىّ صلى الله عليه وسلم فسأل النبىّ صلى الله عليه وسلم أن يأخذها من قيس فحينئذ أخذها الزبير وجعل أبا عبيدة بن الجراح على الحسر والبيادق كذا فى المواهب اللدنية والمنتقى* فسار الزبير بالناس حتى وقف بالحجون وغرز هناك راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر خالد بن الوليد وكان على المجنبة اليمنى أن يدخل فيمن أسلم من قضاعة وبنى سليم وأسلم وغفار وجهينة ومزينة وسائر القبائل فدخل من الليط أسفل مكة وبها بنو بكر وبنو الحارث بن عبد مناة والاحابيش الذين استنفرتهم واستنصرتهم قريش وأمرتهم أن يكونوا بأسفل مكة وأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم خالدا أن يركز رايته عند منتهى البيوت وأدناها وكان ذلك أوّل امارة خالد وقال النبىّ صلى الله عليه وسلم لخالد والزبير حين بعثهما لا تقاتلوا الا من قاتلكم ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ذى طوى وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حمراء وانه ليضع رأسه تواضعا لله وشكرا له حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى ان عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل* العثنون بالعين المهملة والثاء المثلثة والنونين بينهما واو اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين أو نبت على الذقن وتحته سفلا أو هو طولها وشعيرات طوال تحت حنك الابل كذا فى القاموس* ولما وقف صلى الله عليه وسلم هناك قال أبو قحافة وقد كف بصره لابنة له من أصغر ولده وهو على أبى قبيس مشرفا عليه أى بنية ماذا ترين قالت أرى سوادا مجتمعا قال تلك الخيل قالت وأرى رجلا يسعى بين يدى ذلك السواد مقبلا ومدبرا قال أى بنية ذاك الوازع يعنى الذى يأمر الخيل ويتقدّم اليها ثم قالت قد والله انتشر السواد فقال قد والله اذا دفعت الخيل فأسرعى بى الى بيتى فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل الى بيته وفى عنق الجارية طوق من ورق فتلقاها رجل فقطعه من عنقها قال فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه فقال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشى اليك من ان تمشى أنت اليه قال فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم فأسلم ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانّ رأسه ثغامة فقال غيروا هذا من شعره وسيجىء ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال انشد الله والاسلام طوق أختى فلم يجبه أحد فقال أى أخية احتسبى طوقك فو الله ان الامانة اليوم فى الناس قليل ولم يكن بأعلى مكة من قبل الزبير قتال وأما خالد بن الوليد فدخل من الليط أسفل مكة فلقيه قريش وبنو بكر والاحابيش فقاتلوه فقتل منهم قريبا من عشرين رجلا ومن هذيل ثلاثة أو أربعة وانهزموا وقتلوا بالحزورة حتى بلغ قتلهم باب المسجد وهرب فضيضهم حتى دخلوا الدور