المسلمون بالسيوف وهربت طائفة منهم الى البحر والى صوب اليمن وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أواخر المهاجرين حتى نزل بأعلى مكة وضربت له هناك قبة* وروى مسلم من حديث جابر دخل النبىّ صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء من غيرا حرام* وروى ابن ابى شيبة باسناد صحيح عن طاوس لم يدخل النبىّ صلى الله عليه وسلم مكة الا محرما الا يوم فتح مكة وقد اختلف العلماء هل يجب على من دخل مكة الاحرام أم لا فالمشهور من مذهب الشافعىّ عدم الوجوب مطلقا وفى قول يجب مطلقا وفيمن يتكرّر دخوله خلاف مرتب فاولى بعدم الوجوب والمشهور عن الائمة الثلاثة الوجوب كذا فى المواهب اللدنية* ولما علا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنية كداء نظر الى البارقة على الجبل مع فضض المشركين فقال ما هذا وقد نهيت عن القتال فقال المهاجرون نظنّ ان خالدا قوتل وبدئ بالقتال فلم يكن بد أن يقاتل من قاتله وما كان يا رسول الله ليعصيك ولا ليخالف أمرك فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية فأجاز على الحجون واندفع الزبير بن العوّام حتى وقف بباب الكعبة* وفى الاكتفاء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد الى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا الا من قاتلهم الا انه قد عهد فى نفر قد سماهم أمر بقتلهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة وسيجىء ذكرهم وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبى جهل وسهيل بن عمرو قد جمعوا ناسا بالحندمة ليقاتلوا فيهم حماس ابن قيس بن خالد اخو بنى بكر وقد كان أعدّ سلاحا وأصلح منها فقالت له امرأته لم تعدّ سلاحك هذا قال لمحمد وأصحابه قالت والله ما أراه يقوم لمحمد شئ قال والله انى لأرجو أن أخدمك بعضهم ثم قال
ان يقتلوا اليوم فما لى علة ... هذا سلاح كامل وألة
وذو غرارين سريع السلة
ثم شهد الحندمة فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد ناوشوهم شيئا من قتال فقتل كرز بن جابر الفهرى وخنيس بن خالد بن الاشقر كانا فى خيل خالد فشذا عنه وسلكا طريقا غير طريقه فقاتلا جميعا وأصيب سلمة بن الميلاء الجهنى من خيل خالد وأصيب من المشركين ناس ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته وقال لامرأته أغلقى علىّ بابى قالت فأين ما كنت تقول فقال
انك لو شهدت يوم الخندمة ... اذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتهم بالسيوف المسلمة ... يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضربا فلا تسمع الا غمغمة ... لهم نهيت خلفنا وهمهمة
لم تنطقى فى اللوم أدنى كلمة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد بعد أن اطمأنّ لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال قال هم يدؤنا ووضعوا فينا السلاح وأشعرونا النبل وقد كففت يدى ما استطعت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء الله خير وفرّ يومئذ صفوان بن أمية عامد اللبحر وعكرمة بن أبى جهل عامد الليمن وستجىء قصتهما* وفى المنتقى وكل الجنود لم يلقوا جنودا غير خالد فانه لقى صفوان بن أمية وسهيل ابن عمرو وعكرمة ابن أبى جهل فى جمع من قريش فمنعوه من الدخول وشهروا السلاح ورموا بالنبل فصاح خالد فى أصحابه فقاتلهم فقتل أربعة وعشرون من قريش وأربعة من هذيل فلما ظهر النبى صلى الله عليه وسلم قال لخالد ألم أنه عن القتال فقيل قوتل خالد فقاتل كما مرّ* وفى شفاء الغرام عن عطاء ابن السائب قال حدّثنى طاوس وعامر قالا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم خالد بن الوليد