للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وان كانت هى الفرقة التى ليس بعدها لقاء فعرّفنا الله واياك وجه النبىّ صلى الله عليه وسلم فى جنات النعيم فأخذ أبو بكر بيده فبكى وبكى خالد وبكى المسلمون وظنوا انه يريد الشهادة وطال بكاؤهم ثم انّ أبا بكر قال انتظر نمش معك قال ما أريد أن تفعل قال لكنى أريد ذلك فقام وقام الناس معه حتى خرج من بيوت المدينة فما رأيت أحدا من المسلمين شيعه أكثر ممن شيع خالد بن سعيد يومئذ واخوته* فلما خرج من المدينة قال له أبو بكر انك قد أوصيتنى برشدى وقد وعيت وانى موصيك فاسمع وصايتى وعها فأوصاه بوصايا ثم اخذ بيده فودّعه ثم أخذ بأيدى اخوته بعد ذلك فودّعهم واحدا واحدا ثم ودّعهم المسلمون ثم انهم دعوا بابلهم فركبوها وكانوا قبل ذلك يمشون مع أبى بكر ثم قيدت معهم خيلهم فخرجوا بهيئة حسنة فلما أدبروا قال ابو بكر اللهمّ احفظهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم واحطط أوزارهم وأعظم اجورهم ثم انصرف ابو بكر ومن معه من المسلمين* وعن محمد بن خليفة أن ملحان بن زياد الطائى اخا عدىّ بن حاتم لأمه أتى ابا بكر فى جماعة من قومه من طى نحو ستمائة فقالوا له سرّحنا فى اثر الناس واخترلنا واليا صالحا نكن معه وكان قدومهم على أبى بكر بعد مسير الامراء كلهم الى الشأم فقال ابو بكر قد اخترت لك افضل امرائنا اميرا وأقدم المهاجرين هجرة ألحق بأبى عبيدة بن الجراح فقد رضيت لك صحبته وحمدت لك أدبه فنعم الرفيق فى السفر والصاحب فى الحضر قال فقلت لابى بكر قد رضيت بخيرتك التى اخترت لى فاتبعته حتى لحقته بالشأم فشهدت معه مواطنه كلها لم أغب عن يوم منها* وعن ابى سعيد المقبرى قال قدم ابن ذى السهم الخثعمى على ابى بكر وجماعة من خثعم فوق تسعمائة ودون الف بنسائهم واولادهم فشاوروا ابا بكر فى أن يخلفوهم عنده ام يخرجوا معهم فقال ابو بكر قد مضى معظم الناس ومعهم ذراريهم ولك بجماعة المسلمين أسوة فسر فى حفظ الله وفى كنفه فانّ بالشام امراء قد وجهناهم اليها فأيهم احببت ان تصحبه فاصحبه فسار حتى لقى يزيد بن ابى سفيان فصحبه* وعن يحيى بن هانئ بن عروة ان ابا بكر كان أوصى ابا عبيدة بقيس بن مكشوح وقال له انه قد صحبك رجل عظيم الشرف فارس من فرسان العرب لا أظنّ له عظم حسبة ولا كثيرنية فى الجهاد وليس بالمسلمين غنى عن مشورته ورأيه وبأسه فى الحرب فأدنه وألطفه وأره انك غير مستغن ولا مستهين بأمره فانك تستخرج منه بذلك نصيحته لك وجهده ووجده على عدوّك ودعا ابو بكر قيسا فقال له انى بعثتك مع أبى عبيدة الامين الذى اذا ظلم كظم واذا أسيئ اليه غفر واذا قطع وصل رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين فلا تعصين له أمرا ولا تخالفنّ له رأيا فانه لن يأمرك الا بخير وقد أمرته أن يسمع منك ولا تأمره الا بتقوى الله فقد كنا نسمع أنك شريف بئيس مجرّب وذلك فى زمان الشرك والجاهلية الجهلاء فاجعل بأسك وشدّتك ونجدتك اليوم فى الاسلام على من كفر بالله وعبد غيره فقد جعل الله فيه الاجر العظيم والعز للمسلمين فقال ان بقيت ولقيت فسيبلغك من حيطتى على المسلم وجهدى على الكافر ما يسرّك ويرضيك فقال أبو بكر افعل ذلك فلما بلغه مبارزته البطر يقين بالجابية وقتله اياهما قال صدق قيس ووفى وبرّ* وعن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص قال لما مضت جنود أبى بكر الى الشأم بلغ ذلك هرقل ملك الروم وهو بفلسطين وقيل له قد أتتك العرب وجمعت لك جموعا عظيمة وهم يزعمون انّ نبيهم الذى بعث اليهم أخبرهم انهم يظهرون على أهل هذه البلاد وقد جاؤك وهم لا يشكون انّ هذا يكون وجاؤك بأبنائهم ونسائهم تصديقا لمقالة نبيهم يقولون لو دخلناها وافتتحناها نزلناها بأولادنا ونسائنا فقال هرقل ذلك أشدّ لشوكتهم اذا قاتل القوم على تصديق فما أشدّ على من كايدهم أن يزيلهم أو يصدّهم قال فجمع اليه أهل البلاد وأشراف الروم ومن كان على دينه من العرب فقال يا أهل هذا الدين انّ الله قد كان اليكم محسنا وكان لدينكم معزا

وله ناصرا على الامم الخالية

<<  <  ج: ص:  >  >>