للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظنُّه القدرة على ذلك، ولقد عذَلَهُ ابن العبّاس وابن الزّبير وابن عمر وابن الحنفيّة أخوه وغيره في مسيرهِ إلى الكوفة، وعلموا غلطَهُ في ذلك ولم يرجع عمَّا هو بسبيله لما أراده الله» (١).

الوجه الثالث: من الجواب المفصَّل على خروج الحسين:

أن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- تراجعَ، فكيف يُحتجُّ بفعله، وقد رجع عنه، فإنه خيَّرهم بين أمور ثلاثة؛ إمَّا أن يذهبَ ويبايعَ يزيدَ أو أن يتركوه ليقاتلَ الكفار في الثغور أو أن يرجعَ إلى المدينة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فيقال: إنَّ يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعَهُ عن ولاية العراق، والحسينُ -رضي الله عنه- كان يظنُّ أنَّ أهل العراق ينصرونه ويوفون له بما كتبوا إليه، فأرسل إليهم ابنُ عمِّه مسلم بن عقيل، فلما قتلوا مسلمًا وغدروا به وبايعوا ابنَ زياد، أراد الرجوعَ فأدركتهُ السَّرية الظالمة، فطلبَ أن يذهبَ إلى يزيد، أو يذهبَ إلى الثغر، أو يرجع إلى بلده، فلم يمكِّنوه من شيء من ذلك حتى يستأسرَ لهم، فامتنع، فقاتلوه حتى قُتل شهيدًا مظلومًا -رضي الله عنه-، ولما بلغَ ذلك يزيد أظهرَ التوجُّع على ذلك، وظهر البكاء في داره، ولم يسْب له حريمًا أصلًا، بل أكرمَ أهل بيته، وأجازَهُم حتى ردَّهم إلى بلدهم» (٢).

وقال: «والحسين -رضي الله عنه- ما خرجَ يريدُ القتال، ولكن ظنَّ أن الناس يطيعونه، فلما رأى انصرافَهم عنه، طلب الرجوعَ إلى وطنه، أو الذهابَ إلى الثغر، أو إتيانَ


(١) (١/ ٢٦٩).
(٢) منهاج السنة النبوية (٤/ ٤٧٢).

<<  <   >  >>