للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أما الإمام مالك:

فلم أرَ أحدًا نسب للإمام مالك القولَ بالخروج إلَّا ابن حزم، وأحد المعاصرين معتمدين على كلامٍ للإمام مالك في مسألتين: عدم صحَّة بيعة المكرَه، وعدم القتال مع الإمام الظالم على فئة بغَتْ عليه.

أما المسألة الأولى: فتقدَّم الكلام عليها (١)، وسيأتي عدمُ ثبوتها عنه (٢).

وأما المسألة الثانية: فيتَّضحُ المرادُ منه بنقل نصوصهِ ونصوصِ أصحابه.

قال ابن العربي: «قال علماؤنا في رواية سحنون: إنَّما يقاتَلُ مع الإمام العدل سواءٌ كان الأولَ أو الخارجَ عليه؛ فإن لم يكونا عدلَين فأمسِكْ عنهُما إلَّا أن تُرادَ بنفسكَ أو مالكَ أو ظُلمِ المسلمين فادفَعْ ذلك».

ثم قال: «لا تقاتل إلَّا مع إمامٍ عادل يقدمه أهلُ الحقِّ لأنفسهم، ولا يكون إلَّا قرشيًّا، وغيره لا حكم له، إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي؛ قاله مالك؛ لأنَّ الإمامة لا تكون إلَّا لقرشي».

وقد روى ابن القاسم، عن مالك: «إذا خرج على الإمام العدل خارجٌ وجبَ الدفعُ عنه، مثل عمر بن عبد العزيز، فأمَّا غيره فدَعْهُ ينتقمُ الله من ظالمٍ بمثلهِ ثم ينتقمُ من كلَيهما، قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} [الإسراء: ٥]».


(١) سبقت (ص: ١٢٩).
(٢) ص: ٢١٧.

<<  <   >  >>