للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مالك: «إذا بُويعَ للإمام، فقام عليه إخوانه قُوتلوا إذا كان الأولُ عدلًا، فأمَّا هؤلاء فلا بيعةَ لهم إذا كان بُويعَ لهم على الخوف. قال مالك: ولا بدَّ من إمامٍ برٍّ أو فاجر» (١).

قال الدردير: «(فللعدل قتالهم، وإن تأوَّلوا) الخروجَ عليه لشبهةٍ قامت عندهم، ويجبُ على الناس معاونته عليهم، وأمَّا غيرُ العدل فلا تجبُ معاونته، قال مالك -رضي الله عنه-: دَعْهُ وما يُرادُ منه؛ ينتقم الله من الظالم بظالم، ثم ينتقم من كلَيهما.

كما أنَّه لا يجوز قتالُهم لاحتمال أن يكون خروجُهم عليه لفسقهِ وجَوره، وإن كان لا يجوز لهم الخروج عليه» (٢).

هذه النصوص من مالك والمالكية واضحة أنَّ كلام الإمام مالك في عدم المقاتلة مع مَنْ ليس عدلًا تجاه من خرج عليه.

وصرَّحَ أصحابُه بحُرمةِ الخروج؛ وسيأتي المزيد - إن شاء الله -، وليس في كلامه إشكال إلَّا في نقلِ سحنون: إنَّما يقاتل مع الإمام العدل سواءٌ كان الأولَ أو الخارج.

ونقلُ سحنون هذا مخالفٌ لباقي الروايات، ولكلام مالك الآخر لما قال: لابدَّ للناس من إمامٍ برٍّ أو فاجر. على ما سيأتي بيانه - إن شاء الله - فلأجلِ هذا لا يصحُّ لمنصفٍ أن يعوِّلَ على هذا النقل ويدَعَ باقيَ كلامه.


(١) أحكام القرآن (٤/ ١٥٣).
(٢) الشرح الكبير للشيخ الدردير (٤/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>