للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى عنه أبو عمر بن حيويه وأبو الحسين بن البوّاب وأبو الحسن الدار قطنى وأبو الفضل بن المأمون وأحمد بن محمد بن الجراح ومحمد بن عبد الله، ابن أخى ميمى [١]، وغيرهم.

وبلغنى أنه كتب عنه وأبوه حىّ، وكان يملى فى ناحية من المسجد وأبوه فى ناحية أخرى، وكان [يحفظ] [٢]- فيما ذكر- ثلاثمائة ألف بيت من الشعر شاهدة فى القرآن، وكان يملى من حفظه لا من كتاب، وكانت عادته فى كل ما يكتب عنه من العلم هكذا، فى كتبه المصنّفة وأماليه المشتملة على الفوائد اللّغوية والنحوية والأخبار والتفاسير والأشعار.

ومرض دفعة فانزعج عليه أبوه انزعاجا شديدا، وقيل له فى ذلك فقال: كيف لا أجزع لعلّة من يحفظ جميع ما ترون- وأشار لهم إلى حيرى [٣] مملوء كتبا.

وكان رحمه الله مع حفظه زاهدا متواضعا. وحكى أبو الحسن الدار قطنىّ أنّه حضره فى مجلس أملاه يوم جمعة، فصحّف اسما أورده فى إسناد حديث- إمّا كان «حيان» فقال «حبان»، أو «حبان» فقال «حيان» - قال الحسن:

فأعظمت أن يحمل عن مثله فى فضله وجلالته وهم، وهبته أن أوقفه على ذلك.

فلما انقضى الإملاء تقدّمت إلى المستملى، وذكرت له وهمه، وعرّفته صواب القول فيه وانصرفت. ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال أبو بكر للمستملى: عرّف جماعة الحاضرين أنا صحّفنا الاسم الفلانى لمّا أملينا حديث كذا فى الجمعة الماضية، ونبّهنا ذلك الشابّ على الصواب وهو كذا، وعرّف ذلك الشابّ أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال [٤].


[١] ذكره الخطيب فى تاريخه وقال: «توفى ابن أخى ميمى فى ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شعبان سنة تسعين وثلاثمائة. وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا». تاريخ بغداد (٥: ٤٦٩).
[٢] من تاريخ بغداد.
[٣] كذا فى الأصلين وتاريخ بغداد، وفى القاموس: الحير: شبه الحظيرة.
[٤] الخبر فى تاريخ بغداد (٣: ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>