للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجميع العلوم منه. قدم بغداذ فى أيام هارون الرشيد، وقرأ عليه بها أشياء من كتبه، وأسند الحديث عن هشام بن عروة [١] وغيره، وروى عنه من البغداذيين وغيرهم علىّ ابن المغيرة الأثرم، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وأبو عثمان المازنىّ، وأبو حاتم السّجستانىّ، وعمر بن شبة النّميرىّ فى آخرين.

وإسحاق بن إبراهيم هو الذى أقدم أبا عبيدة من البصرة، سأل الفضل بن الربيع أن يقدمه، فورد أبو عبيدة فى سنة ثمان وثمانين ومائة بغداذ، فأخذ إسحاق عنه، وعن الأصمعىّ علما كثيرا.

وقال أبو عبيدة: أرسل إلىّ الفضل بن الربيع إلى البصرة فى الخروج إليه، فقدمت عليه، وكنت أخبر عن خبره؛ فأذن لى فدخلت عليه، وهو فى مجلس له طويل عريض، فيه بساط واحد قد ملأه، وفى صدره فرش عالية لا يرتقى إليها إلا على كرسىّ، وهو جالس عليها، فسلّمت بالوزارة، فردّ وضحك إلىّ، واستدنانى حتى جلست مع فرشه، ثم سألنى وألطفنى وبسطنى وقال: أنشدنى، فأنشدته من عيون أشعار أحفظها جاهلية؛ فقال لى: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته فطرب وضحك، وزاد نشاطه. ثم دخل رجل فى زىّ الكتّاب، له هيئة، فأجلسه إلى جانبى وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا أبو عبيدة علّامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل وقرّظه لفعله هذا وقال لى: كنت إليك مشتاقا، وقد سئلت عن مسألة؛ أفتأذن لى أن أعرّفك


[١] هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام. حدّث عن عمه عبد الله بن الزبير وأبيه، وروى عنه شعبة ومالك. قال ابن سعيد: كان هشام ثبتا كثير الحديث حجة؛ توفى سنة ١٤٦. تذكرة الحفاظ (١: ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>