للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفخر فيها علينا، فحبسه خالد، وقال: فى حبسه صلاح، لأنه يهجو الناس ويتأكّلهم، فغمّ ذلك معاذا، فقال الأبيات المتقدّمة:

نصحتك والنصيحة إن تعدّت

وأجابه الكميت: «أراك كمهدى الماء ... ». البيت المتقدّم، ثم قال لمعاذ:

قد جرى القضاء علىّ فما الحيلة الآن؟ فأشار عليه أن يحتال فى الهرب، وقال له:

إن خالدا قاتلك لا محالة؛ فاحتال بامرأته، وكانت تجيئه بالأطعمة وترجع، فلبس ثيابها، وخرج كأنه هى؛ فلحق بمسلمة بن هشام، فاستجار به.

وقال يصف خروجه إليه:

خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل ... إليك على تلك الهزاهز والأزل [١]

علىّ ثياب الغانيات وتحتها ... عزيمة رأى أشبهت سلّة النّصل [٢]

قال معاذ: عرضت بقلبى فقلتها، وفيها عبرة:

أفّ وتفّ عاجلا آجلا [٣] ... لهذه الدار وأقذارها

بينا ابنها يرضيه إقبالها ... عليه إذ ريع بإدبارها

فسلبته لين ميسورها ... وأعقبته ضيق إعسارها

ما العار إلا فى ارتباط لها ... وتركها تنجيك من عارها


[١] القدح: السهم حينما يشذب ويقوّم ويعدّ لتركيب الريش والنصل فيه. وابن مقبل شاعر فحل، ذكره ابن سلام فى الطبقات، وابن قتيبة فى الشعراء، وكان وصافا للقداح، من ذلك قوله فى صفة السهم:
غدا وهو مجدول فراح كأنه ... من الصك والتقليب فى الكف أفطح
خروج من الغمى إذا صك صكة ... بدا والعيون المستكفة تلمح
والهزاهز: تحريك البلايا والحروب، والأزل: الضيق والشدّة. والبيتان فى طبقات الشعراء (طبعة المعارف ص ٢٦٩) مع اختلاف فى الرواية.
[٢] السلة: المضىّ والخروج؛ من سل السيف إذا أخرجه من غمده مسرعا.
[٣] فى بغية الوعاة: «يا أخى عاجلا».

<<  <  ج: ص:  >  >>