للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففطن الأصمعى لخطئه- وكان أحدث سنّا منه- فقال له: إنما هو «تولبا جذعا» فأراد تقريره على الخطأ، فلم يفطن المفضّل لمراده، وقال: كذلك أنشدته، فقال الأصمعىّ: حينئذ أخطأت، إنما هو «تولبا جدعا» فقال المفضّل: «جذعا جذعا»، ورفع صوته، فقال له الأصمعىّ: لو نفخت فى الشّبّور ما نفعك، تكلّم كلام النمل وأصب، إنما هو «جدعا» فقال له المفضّل: ما الجدع؟ فقال سليمان الهاشمى:

اختارا من نجعله بينكما، فاتقفا على غلام من بنى أسد حافظ للشعر، فبعث سليمان إليه من أحضره، فعرضا عليه ما اختلفا فيه، فصدّق الأصمعىّ، وصوّب قوله. فقال له المفضل: وما الجدع؟ قال: السّيّىء الغذاء، يقال أجدعته أمه.

إذا أساءت غذاءه.

وذكره أبو عبيد الله المرزبانىّ فى كتابه فقال «المفضّل بن محمد الضبّى أبو العباس وقيل أبو عبد الرحمن، هو المفضّل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم بن أبى الريان من بنى ثعلب بن السيد بن ضبّة. قال المفضّل الضّبىّ: رأى جدّى يعلى بن عامر فى المنام كأن على بابه حبشيّة عوراء يلوح عليها سواد، فأصبح فزعا، قال: فما أمسيت حتى بعث الحجاج إلىّ فولانى الرّىّ».

قال أبو الجواب الأعرابىّ: كنّا على باب الهادى وقد مات فلم يبق ببابه أحد، فإذا شيخ طويل جميل الوجه ينشد:

خلت إلا من الذئب البلاد ... تحمّل أهلها عنها فبادوا

فكانت أمّة بلغت مداها ... لكلّ زروع مزرعة حصاد

فقلت: من هذا؟ فقيل: المفضّل الضّبى.

قال محمد بن سلّام: «أعلم من ورد علينا من أهل البصرة المفضّل بن محمد الضبّىّ الكوفىّ [١]».


[١] طبقات الشعراء ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>